نبيل الصوفي يكتب:
الحوثية والإخوان.. تعقيدات المواجهة تنذر بطول شتات
في ستينيات القرن العشرين، بقت الحركة الوطنية شريدة، أفادها وجود دولة في عدن تتيح لها العمل والحشد الوطني، حتى جاء عبدالناصر فانتصرت اليمن على الإمامة.
هذه المرَّة بدأ الدعم العربي مبكراً قبل حتى أن تتشكَّل حركة وطنية، فاختلفت الأطراف على الدعم، كل يريد أن يستأثر به له وحده.
عوَّضت العاطفة الجياشة شحة الدعم، وشتّت الدعم مشاعر الناس.. تعقيدات تنذر بطول شتات.
وأنت تصارع "الإخوان" ما لم يكن لك نسق مقابل لهم من القيم، أرضية صلبة، شركاء متضامنون معك بتناقض تام مع الإخوان يستحيل أن تصمد.. سيهرسك الإخوان.
"الإخوان" لم يعد تنظيماً اليوم.. اليدومي وأي من قياداته هم أضعف الحلقات فيه، يمكن في لحظة أن يثور الرأي العام ضدهم ويعجز تنظيمهم عن الدفاع عنهم، ورأينا هذا أكثر من مرة.
لكنهم صاروا توجهاً عاماً.. قواعد للتفكير.. وحتى مفردات للتحليل.
يحتكم لها الصديق والعدو.. يحتكم لها المتدين وعدو الدين، المؤمن والملحد.
وفي المعارك الكبرى لا يتبين الاختلاف.. ترى الكل كأنَّه في تنظيم الإخوان.. الكل يستخدم مقولاتهم وزاوية نظرهم ونظرتهم للآخر، وللأحداث.
هذا ليس قوة للإخوان كتنظيم، لأنه في المعارك ضدهم كتنظيم، ينكشفون كتنظيم هزيل عاجز عن الدفاع عن نفسه.
لذا يحرص الإخوان على الاختباء في العام، حيث يصبح العام هذا هو جلدهم الواقي.
الحوثي، والجنوبي، أنتجا شيئاً مناقضاً لا يمت للإخوان بصلة.
لا أتحدث عن الصواب والخطأ هنا، بل عن النقيض في المفردة والفكرة وزاوية النظر.
يستولي الحوثي والجنوبي على فضاء الإخوان كلية، يلغي وجوده.
صحيح أنه يجد في المقابل اصطفافاً كبيراً جداً من عناوين "لسنا إخوان ولكن نحترمهم"، لكنه ينتج قاعدته هو أيضاً.. فيصنع نديَّة تحقق الفارق.
لهذا من دون ذلك، فإنَّ أيَّ جهود لمقارعة الإخوان، هي كلام فارع.. سيبقى الإخوان هم أصحاب السيطرة في كل مكان موارب، ليس حوثياً أو جنوبياً.
وحتى الآن فإنَّ محاربة الإخوان، غير مثمرة إلا من الحوثي والجنوب، وعاد الجنوب أقل فاعلية لأسباب تتعلق بالعلاقة بالتحالف العربي، فالإمارات تسعى لكبح جماح الجنوبي شمالاً، وهذا يعطِّل من فاعليته قليلاً، والسعودية هي واحدة من فضاءات الإخوان حتى الآن.
أما الحوثية، فهي حصان جامح، عطَّل كل ما يمت للإخوان كجوهر، يمكن اليوم أن يهتف الإخوان كلهم بالصرخة، وأن يعودوا إلى صنعاء تحت شعارات التسامح أو أيّ شيء، ولكنهم في الجوهر لم ولن يعودوا إخواناً.. لقد هرسهم الحوثي تماماً، وحوَّلهم أدوات له هو، ولفضائه هو، ولمفرداته هو، ولمنطقه هو، ولزاوية نظره.
في حين كان "الإخوان" قد حرَّموا -سابقاً- على الناس الجلسات الصوفية، وقالوا "الطار" حرام.
كما حرَّموا الأغاني، وكسروا الأدوات الموسيقية، وبعدها عملوا في كل زغط فرقة إنشاد بالطار والدف والدرامز.
لكن أنت فقط اعمل معهم ولهم، وكل شيء يضحى حلالاً!
لذلك خسرنا كمجتمع كل أدوات التعبئة الجماهيرية، ما عاد معنا طار ولا عود.