فاروق يوسف يكتب:
قطر في مصيدة إخوانييها
من الصعب على المستوى الأخلاقي تخيل أن قطر كانت تخطط لنسف مجلس التعاون الخليجي من الداخل. ولكن السياسة لا علاقة لها بالأخلاق في سياق الذرائعية السياسية الذي سارت عليه قطر وهي تجمع بين الدعوة إلى التحديث وتبني أفكار جماعة الإخوان المسلمين الظلامية.
ما حدث لقطر يمكن أن يحدث لمحدثي النعمة أحياناً.
هناك حدود لم تعترف القيادة القطرية بوجودها.
فإن يتعهد أمير قطر بإجراء تغيير جذري في السعودية هو أمر يذكر بتحدي الكويت للعراق الذي كان يملك جيشاً تعداده مليونا مقاتل.
كان الغزو العراقي جنوناً غير أن هناك من لم يتحسب فمهد له وكانت الكارثة.
من حق القيادة القطرية أن تفكر إخوانياً. لكن ليس من حقها أن تصدر فكر الإخوان إلى الدول المجاورة. لتكن قطر مزرعة للإخوان لكن قطاف تلك المزرعة يجب أن يبقى في مكانه إلى أن يفسد.
ما أخطأت به قطر أنها سعت إلى أن تكون إيران أخرى في المنطقة، على مستوى تصدير الفكر الظلامي والعمل على فرضه بالقوة.
وإذا ما كانت الفوضى التي نتجت عن الربيع العربي قد سمحت لقطر بلعب دور سلبي من خلال استعمال الأموال في تدمير الشعوب فإن ذلك الدور سرعان ما اُفتضح فشعر الكثيرون أن القبول بقطر وصية هو نوع من الخيانة الوطنية. لذلك تم طردها من مصر وتونس وبعدهما من ليبيا.
ما جنته قطر من مشروعها أنها صارت منبوذة عربياً. لذلك ارتدت على نفسها لتمارس دورها عن بعد من خلال جهازها الدعائي الذي صار بمثابة بوق لقوى الفوضى بكل تجليات ارهابها.
لقد استسلمت قطر لوهم تفوقها فصارت تتصرف كما لو أنها دولة عظمى. وكان في ذلك مقتلها.
فمن غير المقبول عقلانياً أن تضع قطر نفسها في موقع المنافس لدولة مثل الامارات العربية المتحدة التي سبقتها في مجالات إنسانية ومدنية عديدة ناهيك عن المملكة العربية السعودية بحجمها الجغرافي وتاريخها السياسي وثرواتها وسعة تحالفاتها الدولية وتنوع خياراتها. اما تحديها لمصر ومحاولة زعزعة الاستقرار فيها والتدخل في خيارات الشعب المصري فكلها أمور تدخل في اطار اللامعقول السياسي.
وكما يبدو فإن قطر التي استغرقت في خيلائها لم تعد قادرة على رؤية الحقائق على الأرض. لقد توهمت أنها اشترت مصر مثلما اشترت برج شارد في لندن وصارت تؤجر الأراضي الليبية للتنظيمات الإرهابية مثلما تفعل مع شركات الملابس والأحذية والحقائب في هارودز وقسمت سوريا اقطاعيات بين عصابات جلبتهم المخابرات الأجنبية من مختلف أصقاع الأرض.
كل ذلك وسواه من مظاهر سياسة قطر انما يكشف عن طبع عدواني غير مسبوق في العلاقات العربية. فهل كان متوقعا أن تحظى تلك السياسات بالقبول الخليجي؟
كان دور قطر في البيت الخليجي ملغوماً منذ البدايات.
ولأن الخليجيين بطبعهم لا يميلون الى النزهة الفضائحية فقد لجأوا إلى الصمت في انتظار أن يعي اشقاؤهم في قطر عمق الأزمة.
وهو ما لم تتعامل معه القيادة القطرية بإيجابية.
لقد غلبتها إخوانيتها. بصريح العبارة يمكن القول إن قطر هي دولة الإخوان استناداً إلى عقيدة نظامها.
وهنا وقع الفراق الذي كانت قطر تسعى إليه.
فما تم التوافق عليه عربيا صار يشكل حاجزاً بين قطر وطموحاتها. لقد تم تصنيف جماعة الإخوان المسلمين باعتبارهم جماعة إرهابية وهو ما يعني أن على قطر أن تنزع جلدها إن ارادت البقاء في محيطها العربي.
لقد أثبتت الأشهر الماضية من الأزمة أن قطر ليست مستعدة للقيام بما يزيل عنها بعض الشبهات. لا لأنها لا تريد ذلك حسب بل وأيضا لأنها لا تقدر على القيام به.
قطر التي تعلن كل لحظة عن تضامنها مع الإخوان انما تعبر عن حقيقة ما تفكر فيه باعتبارها دولة اخوانية.
حقيقة أن قطر تخسر الكثير وهي تسعى إلى إعلان تمسكها بقرارها السياسي المستقل الذي خلاصته تكمن في فكر الإخوان.