أحمد عمر بن فريد يكتب ل(اليوم الثامن):

الشرعية اليمنية .. من أمن العقوبة أساء الأدب !

 هل يستطيع أحد ان يفهم حال الشرعية اليمنية من حيث كيفية اداراتها لمختلف شئونها او كيفية تعاملها مع عديد الملفات السياسية , والعسكرية , والأمنية , والإدارية أو الاقتصادية سواء من حيث هي متواجدة او من حيث يفترض بها ان تكون ؟! ..ترى ماهي العوامل الرئيسية المحددة لسلوكها والتي يمكن بفهمها والتعرف عليها تفسير او توقع قراراتها وردود فعلها على مجمل الأحداث ؟! وهل تتصرف حكومة معين عبدالملك كما تتصرف باقي حكومات العالم أم أنها تشكل حالة " استثنائية " تتسم بخصائص وسمات لا توجد الا لديها هي دون غيرها  ؟!
     في تقديري الشخصي أن الشرعية اليمنية اصبحت اليوم " بلا ملامح " .. فهي اقرب ما تكون الى حالة من " العماء " .. الذي لا تستطيع ان تتعرف على ملامحه نهائيا , لأنه اشبه بمنطقة مظلمة كالحة السواد لا تقدر معها ان ترى نفسك ان دخلت في حدودها ,  فحتى عناصر الشرعية انفسهم لم يعد بمقدورهم ان يتعرفوا على أنفسهم ناهيك عن ملامح سياساتهم وتوجهاتها العامة ! ولا يستطيع أحد أن يتكهن من هو صاحب القرار فيها؟ أو كيف يصنع  ؟ وعلى اي اساس ؟ وماهي القوى المؤثرة في صناعته ؟ وهل الشرعية اليمنية اليوم تملك قرارها بنسبة 100 % أم ان هناك قوى اخرى غير ظاهرة على السطح هي التي تتحكم فيها وتعبث بها وتوجهها كيفما تشاء ومتى ما تريد !
      الأكيد .. أن محور الشر المتمثل في التحالف ( القطري – التركي – الايراني ) يملك تأثيرا فاعلا وقويا داخل الشرعية اليمنية ومخطىء من يعتقد خلاف ذلك او اننا نبالغ في هذا الأمر , ولأنها – اي الشرعية اليمنية – كما اسلفت تمثل حالة مظلمة سوداء لا ترى فيها شيئا , فقد مثلت هذه الحالة بيئة مناسبة جدا لهذا المحور أن يتواجد بقوة في مطبخ الشرعية الذي تديره مجموعة صغيره جدا, بما يجعله يتحكم الى حد كبير جدا في قراراتها التي تبدو متسمة بالتخبط والعشوائية فيما هي تخدم هذا المحور في نهاية المطاف.
   للتدليل على هذه الوضعية التي تعيشها الشرعية اليمنية يمكننا التطرق الى احداث جسيمة وقعت واسفرت عن نتائج كارثية ليس على الشرعية وحدها وانما على التحالف العربي بدرجة اكبر دون ان تكون لها اية ردة فعل تنبئ حتى على نوع من الأسف أوالمراجعة للذات ! ومن ذلك على سبيل المثال ثبوت تجييش عناصر قبيلة من مأرب والزج بها الى جانب عناصر اخرى منفلته من قطاع الطرق والجماعات الارهابية في حرب عبثية باتجاه الجنوب العربي في وقت كانت  فيه قوات كبيرة جدا لما يسمى بالجيش اليمني تتساقط امام مليشيات الحوثي كأوراق الخريف فيما يشبه اكبر فضيحة عسكرية على مستوى الحروب الاقليمية ! 
    من الطبيعي ومن الممكن جدا ان تحدث في الحروب كوارث عسكرية كما حدث لجيش المقدشي مؤخرا امام مليشيات الحوثي, لكن الذي لم يحدث في كل تاريخ الحروب ان لا تكون لهذا الجيش اية ردة فعل ولو حتى اعلامية تجاه تلك الكارثة المهينة التي اضرت ليس فقط بهذا الجيش الهلامي , وانما حتى بدول التحالف بشكل عام , خاصة وقد رأينا وسائل الاعلام العربية والغربية تضج بالتحليلات المتسمة بالشماته , والتي ترافقها مشاهد بثها اعلام الحوثي لتلك الكارثة !
    وازاء كل ما حدث , لم تكن هنالك اية اشارة على ان عناصر حكومة معين عبدالملك معنية من قريب او من بعيد بتلك الكارثة العسكرية بقدر ماهي معنية بالاستمرار في خوض غمار المناكفة الطفولية الرعناء ضد دولة الامارات العربية المتحدة عبر وزير خارجيتها المعين مؤخرا  من خلال خطابه الاحمق في الأمم المتحدة ! لم يتحدث الرجل عن خطورة ما حدث  في جبهته العسكرية الهشة , وانما اسرف في كيل التهم العدائية  للحليف العربي -الامارات العربية المتحدة- غير مكترثا بالبيانات السعودية – الاماراتية المشتركة التي تؤكد على أهمية التهدئة وعدم قبول الاساءة الى أبوظبي !
    وفي نفس الوقت وكسابقة لم تحدث في تاريخ اي حكومة في العالم نجد ان وزيري النقل والداخلية ومعهما نائب رئيس مجلس النواب يتنقلون من دولة الى أخرى في حالة لا يفهم المرؤ فيه صفتهم الرسمية ! هل لا زالا وزيرين رسميين في الحكومة اليمنية  , ام  أنهما مقالين او معفيين من العمل   ؟ !  فان كانا لازالا يحملان صفتيهما الرسمية وهو عمليا كذلك ! فكيف تقبل الحكومة لنفسها و لوزير داخليتها ان يتنقل من دولة الى اخرى تماما كما يتنقل المواطن العادي  وان لا يتم التعامل معه كوزير دولة من الناحية البروتوكولية على الاقل , لأن في ذلك اهانة كبيرة للدولة وللحكومة التي يمثلها ! وان كان لم يعد يحمل الصفة الرسمية فلماذا لا تصدر الحكومة ما يفيد العالم بأنه لم يعد يمثلها وأنه لا يجب التعامل معه بصفته الرسمية ؟! ... هل رأيتم بالله عليكم حالة كهذه في اي حكومة في العالم ؟
     هذه اذا حالة العماء التي تعيشها الشرعية وهذه هي نتائجها , حتى اذا ما حاولت ان تحصي الحالات المشابهة لما ذكرت , فسوف تجد الكثير من الأمثلة امامك شاخصة بقوة وثبات , ومن هنا ليس بمستغرب ان تصل سمعة الشرعية اليمنية في العالم الى الحضيض ! وذلك بسبب انها تدار من قبل عقلية فضوية تحتكم الى القواعد المنظمة لشغل العاصابات وتجار الحروب .  ويبقى السؤال الكبير : الى متى سيستمر صبر التحالف العربي على هذه الشرعية التي بما تفعل وبهذه الكيفية التي تعيشها لا تشكل خطرا على نفسها فقط , وانما يمتد خطرها الى دول التحالف العربي نفسها !
                                                      أحمد عمر بن فريد