نبيل الصوفي يكتب:
مواطن بلا دولة!!
منذ انهارت الدولة في 2013، وأنا لا أرى قيمة للتشكّي من أي إجراءات.
أوقفتني نقاط التقطعات ما قبل الحوثي، ثم نقاط الحوثي.. يوماً في عمران رفضت نقطة حوثية مروري مطالبة بتفسير "مادة خطيرة" كانت معي، هي صابون طبيعي أخضر اللون، لكن الوليد ذاك عنده تصور محدد للصابون.. مثلما تعوَّد عليه..
وانتظرت بهدوء أكثر من ساعة حتى نجحت الوساطات في إقناعه أنه صابون.
وأخرى لأني مُخزّن بالسيارة مع أصدقاء رأس جبل، وقد نرسل الإحداثيات الجبلية للعدوان.. وثالثة ورابعة وخامسة... الخ.
وحين غادرت صنعاء، أوقفتني نقاط المقاومة الجنوبية: الأولى، مصرة أني عسكري، وأدخلتني سجنها إلى اليوم الثاني.. والثانية، أوقفتني لأن معي جهاز تحديد الإحداثيات، حتى نجحت الوساطات في إقناع الوليد أنه جهاز بث إنترنت متنقل عادي.
والثالثة، لأنّ العسكري الجنوبي يحملني مسؤولية مقال "هل أتاك حديث الجنوب".. الذي عمري ما قرأته ولا أعرف لمن هو.
ورابع اشتباه بالخطأ أني من المعتقلين على ذمة القاعدة، النقطة الأولى سلمتني للطقم والطقم سلمني لنقطة ثالثة.. بعدها، جاء دور العمالقة، والمقاومة التهامية، والآن حراس الجمهورية أنفسهم، قد معانا نقاط تسأل البطاقة وتبع من.. إلى آخر الأسئلة الطبيعية جداً في ظروف الحروب وانهيار الدول.
في مصر، أوقفت ثلاث ساعات في المطار، ونقلوني للتحقيق ورأيت مآسي الدول حين تنهار على ملامح ليبي محجوز من يومين، وسوري انتهت مشكلته بعد إخراجه الجواز الألماني.
وأنا يسألني أسئلة، فارد عليه بكل هدوء وطبيعية، فيغضب، يظن الهدوء وراءه مشكلة، فأشرح له: أنا يا سيدي بلا دولة.. مواطن منهك تمص دم بلادي سلطة ساقطة لا تفيد حتى في الداخل فما بالك بالخارج.. في الأردن، في أديس أبابا، في إسطنبول.
حين تكون بلا دولة، عليك أن تغير سلوكك تجاه هكذا مشكلات، وأن تبتعد عن التبرم الشخصي.. وأن تصبح كل لحظة وجع موصولة بوجع وطنك المهدورة كرامته بسبب أول وهو من يسيطر على سلطتها.
خدمة المواطن العادي، لم تكن موجودة حتى في عهد الاستقرار وفي ظل رئيس لم يكن يستريح، فما بالك في هذا العهد "السافل" وفي ظل رئيس لا "يصحو"، وسيطرة جماعتين الأولى حوثية في صنعاء، والثانية إخوانية في الشتات.
كن من أي منهما ولك كل الخدمات، داخلياً طبعاً، أما خارجياً فالانتماء لهما مسبة وتهمة قانونية.
أما تتحدث عن الوطن والمواطنة فأنت مارق، تعبد التراب والشجر، مشرك بالله كافر بدين المرشد أو الولي..
ساعدوا أنفسكم، وتوجّعوا للبلاد وليس لأشخاصكم.