فاروق يوسف يكتب:
القتل هو رسالة الولي الفقيه إلى العراقيين
تمكن الفساد من الدولة العراقية، بحيث لا يوجد أي أمل في الإصلاح.
فحين تلجأ الحكومة إلى العنف في أقصى درجاته لمواجهة مظاهرات سلمية يحتج الشباب من خلالها على الفساد واستمرار النفوذ الإيراني فإن ذلك معناه أن الحكومة قد اختارت المضي في طريق اللاعودة الذي لا رجعة فيه.
في تلك الحالة تكون الحكومة قد قررت الوقوف مع الفاسدين الذين ترعاهم دولة أجنبية ضد الشعب الذي هو من المفترض أنها مكلفة من قبله ديمقراطيا بإدارة شؤونه. وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى اتساع الهوة بين الطرفين.
فالحكومة التي تدير دولة فاسدة لم تجد سوى العنف وسيلة لإخماد احتجاجات شباب خرج بطريقة سلمية للمطالبة بحقه في أن تكون له حصة من ثروات بلاده وأن يكون له وطن حر مستقل اسوة بالبشر الآخرين.
دافعت الحكومة عن فساد الدولة وفي الوقت نفسه أظهرت ولاءها لإيران. وهي في ذلك تعلن عن انتمائها الى التيار الشيعي الموالي لإيران والذي صار بسبب هيمنته على الحكم يعتبر الشيعة العرب شيعة منشقين يحق له أن يعاقبهم بناء على تعاليم الولي الفقيه التي أجازت هذه المرة قتل الشيعة داخل العراق.
ما ذهب إليه الشباب المحتجون من ربط بين الفساد والهيمنة الإيرانية في شعاراتهم ومطالبهم أكدته ردود أفعال عراقيي الحكم الفاسدين والإيرانيين الساخطة.
لقد دافع الفاسدون عن أخوتهم الإيرانيين كما تحدث الإيرانيون بحماسة بدءا برأس النظام الولي الفقيه عن الاخوة العراقية الإيرانية.
تلك هي الأخوة المسمومة التي حلت محل الأخوة الحقيقية وتسعى إلى أن تمحوها.
كان متوقعا أن يدافع الفاسدون عن الهيمنة الإيرانية على الدولة العراقية وأن تدافع إيران عن أولئك الفاسدين الذين تحميهم مقابل خنوعهم واستسلامهم لإملاءاتها.
معادلة لم تعجب العراقيين.
وهي المعادلة ذاتها التي صار على أساسها ممكنا أن يتهم شباب لم يتجاوز سنهم الخامسة والعشرين بتنفيذ مؤامرة صهيونية أميركية سعودية لقلب نظام الحكم.
لم يكن اتهامهم بأنهم خلايا نائمة لداعش ممكنا. ولم يكن ممكنا أيضا الحديث عن شيعة منشقين علنا. لذلك تمت فبركة ذلك الاتهام الهزلي الذي يكشف عن فقر في الخيال وجهل بوعي الشعب الذي يرى بعينيه قوانين التمييز التي فرضها الفاسدون لتسمح لفئات قليلة بالسيطرة على الثروة كلها فيما يعاني الجزء الأكبر منه من الفقر.
الصهاينة الامبرياليون الصغار الذين خرجوا للاحتجاج على الاحتلال الإيراني للعراق لم يكن التعامل معهم ممكنا من وجهة نظر إيران وأتباعها الفاسدين في العراق إلا برصاصة قناص توجه إلى الرأس أو القلب مباشرة.
كان القتل هو رسالة الولي الفقيه إلى الشعب العراقي المتآمر.
وهي رسالة ضرورية ليكون كل شيء في مكانه الصحيح. فأتباع الولي الفقيه الحاكمون في العراق لن يكون في إمكانهم إنكار أنهم ارتكبوا الجريمة في حق فتية خرجوا في تظاهرات سلمية وهو ما ينص عليه دستورهم. كما أن الشعب لن ينسى حقيقة أن الحكومة لم ترغب في سماع أصوات أولئك الفتية بل كانت ترغب في قتلهم.
الجريمة التي ارتكبتها حكومة عادل عبدالمهدي وأدت إلى إصابة أكثر من ستة آلاف شابا توفي منهم أكثر من مئة ستكون بمثابة شهادة على عمق الأخوة الإيرانية العراقية. وهي في الوقت نفسه شهادة موت النظام السياسي في العراق.
فذلك النظام لا يمكنه التعامل مستقبلا مع الصهاينة الامبرياليين الصغار الذي لا يرغبون بأن تكون لإيران ولاية على العراق. لذلك فإنه سيطاردهم ويطاردوه. لعبة كر وفر لن ينجو منها النظام بالرغم من كل الحماية التي تدعمه إيران بها.
ستكون إيران والفاسدون هذه المرة هدفا واضحا بعد أن أثبتا أنهما الشيء نفسه.