قلمي ليس للبيع ‍!!!

في أتون هذه الحرب الضروس التي تدور رحاها في بلادنا منذ خمس سنوات وفي خضم شراء وبيع الضمائر والعرض والطلب المتأرجح .
أصبح الإنسان في بلادنا الأرخص سعرا لدى تجار الحروب الذين باعوا ضمائرهم لشياطين الأنس والجان وتطاول النخاسون منهم على هامات الرجال الشجعان وأصبح الحلال والحرام لديهم سيان بعد أن ظنوا ..أن كل شيء يباع حسب العرض والطلب مقابل المال !!
لقد خيل لهؤلاء النخاسين أن بإمكانهم شراء كل شيء في زمن الحرب في وقت الضيق ، وقلة ذات اليد وخيل لهم أنه إذا استعصى عليهم الشراء ..فشعارهم الجزرة والعصا.. وهي لمن عصا أوامرهم .. أومن من يعارضهم أو حتى يجرؤا على قول كلمة الحق!!
وفي خضم الحرب التي تطحن الوطن نجد لزاما على كل قلم حر أو صاحب فكر مستنير أن يصدع بالحق وأن لا يرعبه وعد أوعيد أولئك الأوغاد أو ضجيجهم مهما علا !!
كنت أتصور أن فضاء الحرية يتسع للجميع وأن بإمكان أي واحد فينا أن يكتب رأيه بحرية في أي وسيلة إعلامية طالما لن يجرح أحد أو يخرج عن النقد الموضوعي السليم على مبدأ ..مقارعة الحجة بالحجة وتحت شوكة ميزان مصداقية الكلمة الشريفة وحرية الرأي!!
و اتضح لي أن ما يجري أمامنا اليوم من كتابات متعارضة ومتعاندة تخفي خلف عناوينها أسرارا كبيرة تتقمص وتتدثر بعباءات الوطنية الزائفة وهي في حقيقتها تخضع لمسارات التبعية والتسييس..
وعندما يحاول أي شخص أن يقول كلمة حق و يخرج عن إطارها ومسار أفلاكها سرعان ما تطبق عليه بشباكها المنصوبة ..وتمارس عليه سياسة القمع الفكري وتكميم الأفواه وكسر الأقلام !!
وكثر اللغط والهرج والمرج هذه الأيام في ظل التطورات المتسارعة لما يجري في الجنوب تحديدا بين (الشرعية) التي تحتمي بالقرارات الدولية بالرغم أن المجتمع الدولي يعرف تماما أنها ليست إلا رهينة مختطفة بيد حزب الإصلاح وقد أثبتت فشلها وعجزها في تحرير شبر واحد من شمال اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون وتحاول بكل قوتها وأذرعها وقضها وقضيضها أن تحصر معركتها في الجنوب بما زرعته من ألوية عسكرية في حضرموت وشبوة ونشر مليشياتها في أبين وعلى تخوم الضالع من أجل إسقاط الجنوب في قبضتها من جديد ،ولكن هيهات أن يتحقق لها ذلك بالرغم من أن وضعت في واجهة المشهد بعض أدواتها الرخيصة من أبناء الجنوب ويصاحبهم جوقة إعلامية تنبح كل مساء من اسطنبول وعمان والجزيرة ويأتي صراخهم على قدر الألم الذي يشعرون به ،وكأن الجنوب أرض بلا شعب يريدون اجتياحه من جديد وكأن أهله قبائل بدائية ضعيفة من الهنود الحمر !!
إننا نثمن عاليا جهود الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في رأب الصدع بين اليمنيين وحرصها على حرية اليمن وسيادته من الخضوع للوصاية الإيرانية إلا أننا نؤكد أن جهودها الخيرة سيتم الانقلاب عليها وسرعان ما ينقلب من وقعوا عليها ريثما تهدأ العاصفة وقد رأيت من واجبي أن أنبه لهذه الحقائق مبكرا قبل أن تقع الفأس في الرأس وعندها لا ينفع الندم والنيات الطيبة لا تكفي في مثل هذه الأمور
والأيام ستكشف لكم ما أقول !!
صدقوني رغم ذلك كله لم و لن ينكسر قلمي ولن يجف حبره.. ولن ينضب فكري لأنني وأمثالي معرضون للقمع والإقصاء في هذا الفضاء الملوث الذي فقدت فيه الأمانة وغاب الصدق والحقيقة وانعدمت فيه الحشمة والوقار والحياء !!
إن أولئك الذين يقمعون الفكر الحر ويحاربون الكلمة الشريفة وينشرون ما يتطابق مع مآربهم.. ما هم إلا كحاطب ليل يجمع ويلتقط أي شيء أمامه ولا يعرف ما جمع ويخلط الحابل بالنابل ..ويظهر الكذب وينصر الباطل ويؤد الحقيقة ويقبرها حتى لا تكشفه على حقيقته !!
ويرفض الإبداع وصدق الكلمة ظنا منه أنها ستلفظ أنفاسها أمام عتباته !ّ!
ومثل هؤلاء يبيعون ما يكتبون ويروجون لمن يدفعون .. ويقبضون الثمن ويدوسون على الشرف و الفضيلة ويضيعون الأمانة ويهينون الكلمة الحرة الشريفة وأنا اخترت أن أغرد لوحدي في فضاء الكون الفسيح بعيدا عن شباك هؤلاء وحتى لا ادخل نفسي في دهاليز مظلمة يجري فيها تكميم الأفواه والأقلام وقمع الإبداع والدخول في مهاترات وسجالات المراد منها انحراف قلمي عن مساره فالقلم الصادق أصبح اليوم عملة نادرة وهو القلم الذي يعبر بحرية عن كوامن الشخص وعن حاجات الناس ويعبر عن أوجاعهم وهم مع الأسف يرونه يغتال في مهده !!
فمن ينصر القلم الصادق في زمن القمع والاستبداد بالرأي فهو يؤمن بالاختلاف في الرأي فهذا شيء طبيعي.. ولكن على من يريد الاختلاف مع الآخرين أن يتعلم فن الاختلاف ويتقن أدواته وإذا كانت مسؤولية الكاتب طرح قضية وفكر فمسؤولية الناقد تقييم هذا الفكر وتسليط الضوء عليه!!
والحجارة لن تسد مجرى النهر ولن تغير طريقه والقلم الحر لا ينكسر لاسيما إذا كان نزاعا إلى الحرية ومن عاداته أن يرضي نزعة الكرامة لدى صاحبه وختاما أقول إن قلمي لن ينكسر و مهما نفذ الحبر سأعيد تعبئته من جديد وبريق الفكرة لا يخبو وسيظل لامعا طالما الشمس تشرق وتغيب !!!
د.علوي عمر بن فريد