محمد مرشد عقابي يكتب لـ(اليوم الثامن):
ماذا بعد أتفاق جدة؟
مايزال الشارع الجنوبي يعيش هذه الأوقات على وقع اتفاق جدة بالمملكة العربية السعودية، ويتبادر الى اذهان الجميع اسئلة عديدة تتمحور اجاباتها في الوقت الحاضر حول جهود الشراكة وعملية البناء وتوحيد كافة القوى لمناهضة المشروع الإيراني في المنطقة.
كما ان الشارع الجنوبي يحذوه أملاً كبير بأن تفضي المرحلة القادمة وتتمخض عن ميلاد فجر جديد من العلاقات الندية مع شرعية الجارة اليمن، تكون عبارة عن مرحلة شراكة حقيقية تسودها نوايا صادقة لشرعية صنعاء تجاه الأشقاء في دول التحالف العربي وكذلك تجاه شعب الجنوب وقيادته الإنتقالية حتى يضمن الكل تبلور هذه الجهود وسيرها في طريق مواجهة العدو الإيراني المتمثل بمليشيا الحوثي في العربية اليمنية.
ويشير الشارع الجنوبي بإن الفرصة المؤاتيه هي من تلوح حالياً في الأفق القريب ويجب على هذه الشرعية انتهازها بالشكل الصحيح لإثبات جديتها بالتعاون مع شركائها من ابناء المنطقة العربية في الحرب على المشروع الإيراني وفي تنفيذ كل الإلتزامات وتوفير الأمن والأمان وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمناطق الخاضعة لسيطرتها.
ويرى البعض بإن بنود إتفاق جدة يعتبر خارطة الطريق التي تتضمن المفاتيح الرئيسية لحلحلة العديد من الملفات الشائكة التي تبحث عن معالجات ومنها الملف الأمني والخدمي وتحسين الأوضاع الاقتصادية ورعاية أسر الشهداء والإهتمام بالجرحى الى جانب مشاريع التنمية والبناء المؤسسي، الى جانب خط الإرتكاز الأول وهو محاربة المد الشيعي وأهمية تفاعل شرعية صنعاء مع كافة الشركاء وتحركها لتحرير مناطق الساقطة تحت اغتصاب جماعة الحوثي ذراع إيران في المنطقة.
كذلك يرى مهتمون بالشأن المحلي ان من أهم مؤشرات اتفاق جدة هو التأكيد والإعتراف بتواجد المقاومة الجنوبية في كل الجبهات المشتعلة والتأكيد على وجود الآخرين بعيداً عن مواقع وخطوط النأر حتى اللحظة، وهي المؤشرات عينها التي تؤكد في مجمل المضامين حالة الإهمال والمعاناة التي يعاني منها ابناء المحافظات الجنوبية الذين حرموا ويحرمون من ابسط حقوقهم بفعل سياسات شرعية صنعاء الإقصائية، وهو ما تؤكده العديد من المشاهد والوقائع ويصادق على صحته جمع كبير من النقاد والخبراء الدوليين المهتمين بالشأن المحلي الذين اشادوا بالدور البطولي والنصالي لإبناء الجنوب في مواجهة مليشيا التمرد والإنقلاب وحققوا النصر والإنجاز وقوبلوا بفرض الإقصاء والتهميش عليهم من جهة نظام شرعية صنعاء.
كما يرى مهتمون بالشأن المحلي ايضاً وجوب أن تتوزع القوات المسلحة المتواجدة في المحافظات الآمنة على الجبهات وان يتم نقلها لتتمركز في خطوط المواجهة للقيام بواجبها في محاربة فلول الحوثي والقضاء عليها حتى تثبت هذه الشرعية حسن نواياها وصدق تعاطيها مع القضايا ذات الإهتمام المشترك بينها وبين الأشقاء في دول التحالف العربي التي قدمت كل ما بوسعها في سبيل افشال طموحات هذا العدو الحامل للمشروع الطائفي الإيراني والذي يعد الخطر الماثل للعيان والأكبر على أمن وسلامة المنطقة العربية برمتها، ويجمع المحللون على ان هدف ابناء الجنوب والذي لا يمكن باي شكل من الأشكال الحياد عنه هو حق الإستقلال وإستعادة الدولة والذي تكفلت بنود هذه الإتفاقية بمشروعية التفاوض حوله وبرعاية أممية او إقليمية خاصة بعد انجاز المهمة الأساسية لعاصفة الحزم وتحقيقها لكامل الأهداف التي اتت لأجلها وهو ما يعد نصراً مبيناً لشعب الجنوب العربي الأصيل الذي عانى الأمرين من نظام صنعاء طيلة السنوات الماضية من عمر الإحتلال اليمني.
ابناء الجنوب وساسته ومثقفوه اكدوا ويؤكدوا دوماً للعالم اجمع بإنهم دعاة سلام وليس دعاة حرب كما هو معروف عن الآخرين، وهناك نوايا حسنة ورغبة كبيرة يبديه ابناء الجنوب وقيادته وممثلوه في هذا المحفل والإستحقاق السياسي الإقليمي في الجنوح الى السلم والإلتزام بتنفيذ بنود الإتفاق بحذافيرها وهو ما ستؤكده الوقائع الحية على ارض الميدان الكفيلة بإثبات الصدق او العكس.
ويتمنى الشارع الجنوبي بإن تذعن الشرعية لنداء العقل والمنطق وانت تعمل كشريك فاعل في تنفيذ بنود هذا الإتفاق وان لا تستمر في تعنتها وذلك بتسخير ما بحوزتها من مقدرات للمصلحة العامة في المناطق المحررة وفي تثبيت ركائز الأمن والأمان وتحسين مستوى الخدمات، كما يقع على عاتق هذه الشرعية مسؤولية إنجاح مساعي الأشقاء والحلفاء في المملكة العربية السعودية وعدم إفشال او عرقلة اي مساعي هادفة لترسيخ دعائم الأمن في المناطق الجنوبية او إقصاء المجلس الإنتقالي الجنوبي من المشهد العام، ومن هذا المنطلق حذر عدد كبير من المحللين السياسيين الشرعية من مغبة اي تهور تقدم عليه من حيث عدم الإلتزام بتنفيذ بنود الإتفاق او التنصل عن تنفيذ بعض مضامينه بإنها سوف تتحمل تبعات ذلك والمسؤولية الوطنية الكاملة عن اي تداعيات قد ينجم عنها ذلك التملص او التنصل.
ابناء الجنوب في ردهات وبهو هذا الوضع يؤكدون جميعاً بإن عدن وباقي المدن الجنوبية تنعم بالأمن والأمان وجميع مؤسسات الدولة فيها تعمل بإنتظام ووفق ما هو مرسوم ومخطط لتقديم صور واشكال الخدمات المختلفة للمواطنين وهذا العمل المتكلل بالنجاح يتم رغم مغادرة معظم مسؤولي الشرعية مقار عمل هذه المؤسسات.
أهالي وبحسب روايات الكثير منهم يؤكدون معاناتهم من فساد بعض قيادات الحكومة التي ما تزال تقف عائق لعرقلة كل جهود ومساعي التسوية السياسية الى جانب وقوفها لافشال كل الجهود التي تنصب لإنتشال الأوضاع الخدمية والإقتصادية، فذلك القطيع الحكومي المتوحش لم يراعي مكانة وخصوصية عدن التأريخية والحضارية والسياسية والثقافية ليحول هذه المدينة المسالمة الجميلة والهادئة إلى ثكنة عسكرية وبؤرة للصراعات والفتن في صورة من ابشع صور عسكرة الحياة المدنية والإنتقام من ابناء هذا الشعب الذي أبى الرضوخ والإستكانة لمشاريع الضم والإلحاق والممارسات القسرية والإستبدادية الأخرى التي يسعى لفرضها وبالقوة نظام البطش والقمع اليمني الغاصب.