فاروق يوسف يكتب:
نقطة سوداء بعد السطر
غالبا ما تكون المعارض الجماعية رديئة المستوى. يُظلم الفنان الجيد حين يعرض في واحد من تلك المعارض. غير أن معرض “نقطة سوداء” الذي أقامته الرابطة التونسية للفنون التشكيلية في مدينة الثقافة بالعاصمة تونس أدهشني بسبب رفعة وجودة مستواه العام.
لم أر عملا رديئا يستحق أن لا يُعرض. أسوأ الأعمال كان مقبولا. وهي درجة يمكن التعامل معها بلطف، ذلك لأنها لن تؤذي الذائقة أو المزاج. أما الجزء الأكبر من الأعمال فقد كان جيدا، بما يعطي فكرة حسنة عن الفن التشكيلي في تونس الآن.
لقد صرت أردّد “تونس بخير”، وهي جملة أسعدتني. ذلك لأن تونس الجميلة يليق بها فن جميل. تلك فكرة، أروع ما فيها أن تجد لها خلاصا من خلال الوصول إلى الواقع.
عبّر الفنانون والفنانات المشاركات في ذلك المعرض عن مستوى رفيع في عرض الموهبة التي تمزج الحرفة بالخيال. بشكل عام لم يكن أحد غير متمكن من حرفته. كما أن البعض حلق بخياله إلى درجة مدهشة.
هناك لوحات لا يملك المرء أمامها سوى أن يصرخ إعجابا.
ذلك معرض يعيد إلينا الثقة بالفن التشكيلي التونسي الذي وهبنا عبر تاريخه رسامين كبارا. سيكون عليّ بعده أن أعيد النظر في فكرتي عن المعارض الجماعية. ولكن ذلك لا يحدث إلّا بسبب الرقابة التي يمارسها المشرف على المعرض. وهو دور لطالما خانه البعض حين قبل أن يكون شاهد زور فيرضى بكل ما يقدم له من غير أن يفكر في ما ينتج عن سلوكه السلبي.
“نقطة سوداء” يطرح نموذجا مختلفا. فيه الكثير من الشعور بالمسؤولية كما أن الأعمال المعروضة ترتقي بحساسيتها إلى مستوى، يمكن القول إنه ما كان يتحقّق لولا الصرامة التي مارستها المشرفة على المعرض هدى العجيلي بعد أن منحتها رئيسة الرابطة وصال بن سليمان كل صلاحيات التحكم بالعرض.
يخرج المرء بفكرة إيجابية عن أحوال الفن التشكيلي في تونس، وهو ما يعدّ إنجازا مهما في مواجهة الفوضى التي تعاني منها المعارض الجماعية في العالم العربي.