رشا فريد تكتب لـ(اليوم الثامن):

شئنا أم أبينا.. التاريخ يعيد نفسه

هناك مثل فرنسي يقول (من يتحكم في الماضي يتحكم في المستقبل ), فالمستقبل ما هو الا نتاج تراكمات الماضي وافرازات الحاضر.. ولا يخفى على الجميع أن مفاصل صنع القرار الدولية تأخذ ذلك بعين الاعتبار حيث أن الواقع له تشعبات سابقة فيقوم الدارسون والباحثون السياسيون بدراسة الماضي والظروف المشابهة التي حدثت في تاريخ تلك الأمة وقياس وتوقع ما سيحصل بالنتيجة الحتمية لما حصل في الماضي تبعا لحقيقة (الماضي يعيد نفسه )!حقيقة يتغافل عنها أغلب صانعي الساسة العرب.

وللأسف فإن صانعي الدسائس والمؤامرات الذين ائتمناهم على دولة وأرض وتاريخ .. ودخلنا معهم بوحدة طوعية للارتقاء بحال البلدين الشقيقين وليس لاحتلالنا وارجاعنا لدياجير التخلف والجوع , قد استفادوا من تلك النظرية بطريقة عكسية ,وعادوا للماضي القريب ليسوقوه عند العالم  مؤكدين أن ما حصل في الجنوب نتيجة عدم تعايش بين ابنائه وان ذهابهم للوحدة كان هروبا من الصراعات ما بينهم البين ,وللأسف فقد تم تسويق تلك الفكرة في الداخل أيضا ! وبما لا يدع مجالا للشك ان أولئك لا يحملون أي نية طيبة للجنوب أو الجنوبيين, بل تماهيا مع فكرتهم التشويهية لتاريخ الجنوب بدأوا بتسويق فكرة أخرى لدى الدول التي تأسست باتحادات مثل أمريكا والسعودية وغيرها ... حيث أوهموهم ان الجنوبيين ما هم إلا جماعة تريد الإنفصال عن الدولة الأم "اليمن الكبير" الذي كما قالوا انه الأصل وأن الجنوب بتاريخه وأرضه وشعبه ما هو إلا فرع عاد إليه ! في محاولة لإقناع الاطراف الدولية الأخرى بعدم شرعية مطالب الجنوبيين .متجاهلين أنهم من أدخلوا الفرقة بين ابنائه ونسوا تسامح الجنوبيين واستيعابهم لهم وتقبلهم لهم في حين لم تفعل ذلك أي دولة في العالم , حيث أن عاصمة الجنوب عدن استقبلت من كل الأجناس والأعراق وكانت ملجأ كل مظلوم وهارب وباحث عن رغد العيش! حيث أعطتهم المواطنة جميعا بدون استثناء ...فكيف يكذب هؤلاء على سكانها بأنهم عنصريين ولا يستطيعون التعايش حتى مع بعضهم البعض ؟

في واقع الأمر أنه ومنذ ذلك الوقت والوافدون من اليمن الشقيق يحاولون التفرقة بين أبناء عدن وأمساك زمام الأمور في عاصمة الجنوب الأبدية .. ومن الحقائق التي ذكرها أحد الساسة الجنوبيين العتاولة الجنرال / سعادة السفير محمد العبادي على لسان المناضلة الشهيدة  نجوى مكاوي قولها للبطل الشهيد علي عنتر: "ابشع ما يواجهه المرء الذي ناضل لتحرير وطنه ان يطعن شخص اجنبي في وطنيته..انقذوا عدن من بطش أبناء تعز, لا تخذلوها!

" وأكدت ان قبل الاستقلال عن الاستعمار البريطاني كانت اولوية التوظيف في عدن لأبناء عدن. والآن أبناء تعز اخذوا وظائفنا. وانتحلوا هويتنا. ويتكلمون باسمنا وقدمت قائمة بأسماء مواطنين من عدن. لفق لهم امن الدولة تهم الخيانة وتم إعدامهم بمحكمة صورية بينهم محمد علي غلام وأرسلان خليفة ...ومن ضمن القصص التي أوردتها عن ضابط سكران من تعز..قام بخطف عروس عدنية من حفل زفافها.. وبدلا من عقابه تم تكريمه من قبل أمن الدولة آنذاك وأرسل لدراسة الصحافة في بلغاريا, والذي كان حاقدا على الجنوب بعد غزو 94 واستخدم قلمه لتزييف الحقائق والإساءة للجنوب والجنوبيين.

 نجوى مكاوي قالت في حديثها ان أبناء عدن الحقيقيين همشوا بعد الاستقلال ووضعوا في دائرة التشكيك والتخوين. حيث كانت «بريطانيا» أرحم بنا منهم! وللأسف قادت تلك الشرذمة الحقيرة الوطن لصراعات ونزاعات واقتتالات حتى اسقطونا في فخ الوحدة ليتسنى لهم الانقضاض على الوطن ..تاريخ يضع نفسه للتأمل فلا خير في الغراب ولن يأتي الخير أبدا من رعاع اعتادوا على نهب الأمم وإشعال الفتنة في الأوطان  . وإني بذلك لا أعمم ولا يعتبر مقالي تحريضيا عليهم فمنهم الكثير والكثير من المخلصين الذين عاشوا أبناءا  بارين لها ولم يشتركوا في أي مؤامرة ضدها ولا يزالون يحملون الوفاء والإخلاص لعاصمتهم عدن .

ومن أولئك الخارجين عن حب الوطن الذينما انفكوا عن الإساءة للجنوب ولا يريدون حتى سماع اسمه أو رؤية علمه الذي يذكرهم بهشاشة وضعهم وخساسة فعلهم ..

 لكن اليوم وبعد وصول الجنوب لمرحلة من القيادة الموحدة التي وقف ابناؤها جميعا ليفوضوا رئيس المجلس الانتقالي  عيدروس الزبيدي ويباركوا تشكيل قيادتهم الموحدة التي تشكلت لتحمل القضية الجنوبية وتعبر بها إلى بر الأمان لاستعادة الوطن ..وبعد تشكيل المجلس الانتقالي يحاول هؤلاء المهترئون تاريخيا أن يقيضوا واقع الجنوب الالتحامي بإغراء ضعاف النفوس الذين لا يتعدون اصابع القدم الواحدة ..

وبالتأكيد فإن كل ذلك الهراء سيذهب في مهب الريح خصوصا بعد أن أثبت الجنوبيون أنهم صمام الأمان للوطن العربي بل وللعالم أجمع .. ولذلك يجب وقوف الجنوبيين يداً واحدة في مواجهة كل المؤامرات .. مهما كانت الإغراءات .. ومهما اختلفت الآراء فإنها تتوحد أمام هدف استعادة الوطن  من أجل مستقبل أبنائنا, فنحن في خندق واحد ويجب ان يكون هدفنا واحد وهو وصول سفيتنا إلى بر الأمان, وإن غدا لناظره قريب..