رشا فريد تكتب لـ(اليوم الثامن):

في اليمن.. لا شرعية للشرعية

في صراع يبدو أن لا نهاية له, تحاول الشرعية الحفاظ على آخر ما تبقى لها من معاقلها في مأرب, فمأرب المحافظة التي تبعد عن صنعاء مسافة 173 كيلو متراً  لم تخض ولن تخوض حرباً مع الحوثيين ..فمأرب لا تريد لصنعاء أن تسقط كي لا تسقط الحرب وتنتهي اللعبة ..كي لا تسقط الهبات والأموال المتدفقة كالسيول ..  لكنها تريد سقوط عدن بكل ما أوتيت من قوة..
ليس موضوعنا هنا سقوط مأرب من عدمه لأنها ستسقط حتماً عندما يريد الحوثي ذلك , ستسقط  مأرب عاجلاً أم آجلاً ,لكن عندما تسقط جميع أوراق اللعبة ..وفي الوقت الذي يقرر فيه الحوثيون دخول شبوة ومنها إلى الجنوب وصولاً إلى عدن.
حقيقة أن التحالف العربي متمثلاً بالسعودية لم يدرك إلى اللحظة خطورة الموقف, فهو ينتظر النجاح من أدوات فاشلة ..فاللعب بالأوراق دون مراعاة أصول اللعبة يعرضك للخطر .. 
فالتحالف الذي بدا يطفو على السطح بين جماعتي الإصلاح والحوثي الإرهابيتان مبكراً يخضع للكثير من سوء الفهم لدى الأشقاء .. فهم يحمّلون التحالف المسؤولية الأدبية لبقاء اليمن موحداً كما دخلوه وإلا فالتحالف مطالب بتعويضات كبيرة لهم .. ولا يخفى على القارئ الحصيف للمشهد السياسي أن الشقيقة حاولت التخلص من سطوة هذا الحزب على مفاصل القرار في الشرعية مراراً .. لكنها لم تنجح ولن تنجح.. فهي تحاول جاهدة أن يبقى الوضع كما هو عليه في 2015 عند انطلاق عاصفة الحزم .. لكنها تناست أن الجنوبيون هم حصان اللعبة وهم الورقة الرابحة ..وتناست أن الجنوب دولة ذات سيادة وتاريخ لا يمكن نكرانه .. ولا تتشابه القصة مع السعودية نفسها التي جمّعها الملك سعود في مطلع القرن المنصرم تحت راية السيوف .. فنحن لا نتشابه معهم أبدا.. وها هي تحاول عبثاً كالغريق الذي يحاول التعلق بقشة بينما يهمل طوق النجاة أمامه !
يقال والعهدة على الراوي,  أن الحوثيون باتوا أقوى من قبل وبات الهدف تحديداً هو الجنوب, فبدأ الحوثي في التحليق بعيداً بأهدافه باتجاه السعودية مؤخراً,  يظن أنها سنة السعد عليه بعد أن تم إلغاء صفة الإرهاب عنه والحديث عن إلغاء قياداته من قوائم الإرهاب .. وللحديث شجون .. 
 وبما أن الضوء الأخضر قد لمع في وجهه من قيادة البيت الأبيض فمن المؤكد أن السعودية فريسة مسيلة للّعاب بعد أن ظنت نفسها لاعباً أساسياً .
سؤالنا هنا: بعد سقوط مأرب ..هل سنشهد سيناريوهاً جديدا أعدته الولايات المتحدة للمنطقة يقضي بإخضاع السعودية واحتلال المناطق النفطية  من قبل أمريكا نفسها أو قوى تضمن ولاءها.. وهل تنفذ القوى المتصارعة تلك السياسة بدراية أو بغير دراية ! من مصلحتنا جميعاً إنهاء الحرب ,, لكن الكيفية التي ستتم بها نهاية الحرب هي المختلف عليها.. وإدراك الحوثيين أن الحل السياسي قادم يعد نضجاً سياسياً كبيرا لديهم بدليل ضغطهم على السعودية من جميع الجهات بتصعيد هجماتهم عليها وتصعيد العمليات في مأرب والحديدة  ..لإدراكهم أن زيادة الأوراق يعطيهم زخماً أكبر للتفاوض.
وعلى الجانب الآخر يستمر الإصلاح بالحشد إلى مأرب من الجنوبيين المغرر بهم الذاهبون إلى محرقة ستبتلعهم حتماً, وسنجد الحوثي في ليلة وضحاها قد سيطر على شبوة واستعد لدخول عدن, وسيكون المأربيون الإخوانيين الذين وفدوا إلى شبوة عوناً له ... والمخدوع من يظن عكس ذلك .. 
فسقوط مأرب مسألة وقت ليس أكثر فهي الورقة الرابحة يستخدمها الفرقاء متى ما أرادوا إنهاء اللعبة .. فالحرب لابد من أن تنتهي ومأرب لا بد ان تسقط وستنتهي الشرعية التي لا شرعية لها.
ومن ملاحظاتي البسيطة ان هناك تحركات جديدة لحزب الإصلاح في تركيا بدءاً من سفر قياداته إليها وصولاً إلى دعوتهم للرئيس هادي بالالتحاق بركبهم هناك.. فالحليف التركي يريد أن يكون لاعباً ضمن اللاعبين الأساسيين.. فالمنطقة تسيل لعاب الطامعين والعابثين فمن تحكم بها تحكم بالسياسة العالمية ..
 ويتبقى موقف الشعب الجنوبي الذي لا يزال الأكثرية منهم يدركون انهم قابعون تحت حصار لتطويعهم وإدخالهم في صياغة المشروع العالمي الجديد ..فلا بد من الصبر والثقة بالقيادة الفذة التي تثبث يوماً عن يوم أنها تسير في الطريق الصحيح لإخراجنا من قمقم القهر لفسحة النجاة.. 
 رئيسنا عيدروس وقيادتا السياسية , يحذونا الامل بكم ونتطلع منكم إلى حشد القوى القانونية والسياسية للشرفاء الجنوبيين لخوض غمار المعركة المقبلة التي تتطلب الحل السياسي والتحليل القانوني الصحيح...نثق بكم ونحن جنودكم وكلنا أمل أن الغد مشرق للجنوب وشعبه ..وإن غداً لناظره قريب..