هشام الحاج يكتب:

"الجرائم الالكترونية" ظواهر إجرامية تقرع أجراس الخطر..!

تعد الثورة التكنولوجية وبخاصة ثورة الاتصالات أهم التطورات التى يعيشها العالم اليوم، وتعتبر ثورة الاتصالات هى المحرك الأساسي فى التطورات الحادثة فى الوقت الحالي، إلا أنها ليست المحرك الوحيد فى هذه التطورات حيث أن التطورالكبير فى تكنولوجيا الحاسبات قد أسهم بصورة كبيرة فى تسارع معدلات التقدم فى مجال الاتصالات والمعلومات.

وقد كان من نتاج التطور فى الجانبين ظهور أدوات واختراعات وخدمات جديدة فى مختلف المجالات ولقد نتج عن الثورة التكنولوجية تلك ظهور نوع جديد من المعاملات يسمى المعاملات الإلكترونية تختلف عن المعاملات التقليدية التى نعرفها من حيث البيئة التي تتم فيها هذه المعاملات.

 

إن جرائم الكمبيوتر والانترنت، أو ما يسمى Cyber Crimes هى ظواهر إجرامية تقرع أجراس الخطر لتنبه مجتمعنا عن حجم المخاطر والخسائر التى يمكن أن تنجم عنها، خاصة أنها جرائم ذكية تنشأ وتحدث في بيئة إلكترونية أو بمعنى أدق رقمية، يقترفها أشخاص مرتفعي الذكاء ويمتلكون أدوات المعرفة التقنية، مما يسبب خسائر للمجتمع ككل علي المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية.إذا كانت مجتمعاتنا العربية لم تتأثر بشكل كبير من مثل هذه الظواهرالإجرامية، إلا أن هناك دولا عربية كثيرة أضحت مهتمة بتلك الظواهر، ومفهومها القانوني، وسمات المجرم المعلوماتي، وهو ما سوف نحاول أن نتعرض له بشئ من التفصيل في هذا البحث محاولين أن نضع ولو لبنة صغيرة في الإطار التنظيمي والتشريعي في تلك المسألة .

 

مفهوم الجريمة الالكترونية
تناولت العديد من الأدبيات مفهوم الجريمة الالكترونية :

لا يوجد إجماع على تعريف الجريمة الإلكترونية من حيث كيف تُعرف أو ما هي الجرائم التي تتضمنها الجريمة الإلكترونية. وكما يقول فان دير هلست و ونيف  هناك غياب لتعريف عام واطار نظري متسق في هذا الحقل من الجريمة وفي أغلب الأحيان تستخدم مصطلحات الافتراضية والحاسوب والإلكترونية والرقمية .

ويتراوح تعريف الجريمة الإلكترونية بين الجرائم التي ترتكب بواسطة الحاسوب إلى الجرائم التي ترتكب بأي نوع من المعدات الرقمية وتعريف الجرائم الإلكترونية باختصار على أنها الجرائم التي ترتكب باستخدام الحاسوب والشبكات والمعدات التقنية مثل الجوال.

تتكون الجريمة الإلكترونية أو الافتراضية (cyber crimes) من مقطعين هما الجريمة ( (crime والإلكترونية (cyber) ويستخدم مصطلح الإلكترونية لوصف فكرة جزء من الحاسب أو عصر المعلومات.

أما الجريمة فهي السلوكيات والأفعال الخارجة على القانون والجرائم الإلكترونية هي المخالفات التي ترتكب ضد الأفراد أو المجموعات من الأفراد بدافع الجريمة وبقصد إيذاء سمعة الضحية أو أذى مادي او عقلي للضحية مباشر او غير مباشر باستخدام شبكات الاتصالات مثل الإنترنت ( غرف الدردشة  البريد الالكترونية – الموبايل ).

 

 

التعريف الدولي للجريمة الإلكترونية
 تعتمد “تعريفات” للجريمة الإلكترونية في الغالب على الغرض من استخدام المصطلح
 هناك عدد محدود من الأفعال ضد السرية والنزاهة وتوافر بيانات الكمبيوتر أو أنظمته تمثل جوهر الجريمة الإلكترونية
 أعمال متعلقة بالكمبيوتر لتحقيق مكاسب شخصية أو مالية أو ضرر، بما في ذلك أشكال الأفعال المتصلة بجريمة الهوية وجرائم محتويات الكمبيوتر لا تصلح بسهولة إلى الجهود للوصول إلى التعاريف القانونية للمصطلح الكلي.

 

الأحكام العامة والتجريم (الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات)

وافقت الجمهورية اليمنية على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، وذلك في العام 2018م.
وتتكون الاتفاقية من 43 مادة موزعة إلى أربعة فصول إضافة إلى الفصل الخامس الذي خصص للأحكام الختامية ، وقد نصت المادة |(1) من الاتفاقية على تعزيز التعاون وتدعيمه بين الدول العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات لدرء اخطار هذه الجرائم والحفاظ على أمن الدول العربية ومصالحها وسلامة مجتمعاتها وأفرادها ، وتضمنت المادة (2) مجموعة المصطلحات وتعريفها كما تضمنت المادة (3) مجالات تطبيق الاتفاقية وبانها تنطبق على جرائم تقنية المعلومات بهدف منعها والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها ، في حين نصت المادة (4) على صون السيادة..حيث أشارت إلى أن تلتزم كل دولة طرف وفقا لنظمها الأساسية أو لمبادئها الدستورية بتنفيذ التزاماتها الناشئة عن تطبيق هذه الاتفاقية على نحو يتفق مع مبدأي المساواة في السيادة الاقليمية للدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتضمنت المادة (5) موضوع التجريم كما تضمنت المادة (6) جريمة الدخول غير المشروع كما تضمنت المادة (7) جريمة الاعتراض غير المشروع وهو الاعتراض المتعمد بدون وجه حق لخط سير البيانات بأي من الوسائل الفنية وقطع بث او استقبال بيانات تقنية المعلومات في حين تضمنت المادة (8) الاعتداء على سلامة البيانات ونصت المادة (9) على جريمة إساءة استخدام وسائل تقنية المعلومات ، كما نصت المادة (10) على جريمة التزوير وذلك باستخدام وسائل تقنية المعلومات ،في حين نصت المادة (11) على جريمة الاحتيال ، كما نصت المادة (12) على جريمة الإباحية وذلك عبر إنتاج أو عرض أو توزيع أو استيراد مواد إباحية مشددة العقوبة على الجرائم المتعلقة بإباحية الاطفال والقُصّر وتضمنت المادة (13) الجرائم الأخرى المرتبطة بالإباحية ويقصد بها المقامرة والاستغلال الجنسي في حين تضمنت المادة (14) جريمة الاعتداء على حرية الحياة الخاصة بواسطة تقنية المعلومات.


جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة
تضمنت المادة (15) الجرائم المتعلقة بالإرهاب والمرتكبة بواسطة تقنية المعلومات ، وذلك عبر نشر أفكار ومبادئ جماعات إرهابية والدعوة إليها وتمويل العمليات الإرهابية والتدريب عليها وتسهيل الاتصالات بين التنظيمات الإرهابية ، وكذا نشر طرق صناعة المتفجرات التي تستخدم خاصة في عمليات إرهابية ونشر النعرات والفتن والاعتداء على الأديان والمعتقدات ،وتضمنت المادة (16) الجرائم المتعلقة بالجرائم المنظمة والمرتكبة بواسطة تقنية المعلومات وذلك عبر القيام بعمليات غسل أموال أو طلب المساعدة ونشر طرق القيام بغسيل الأموال ، والترويج للمخدرات والمؤثرات العقلية او الاتجار بها ، وكذا الاتجار بالأشخاص والاتجار غير المشروع بالأسلحة ، كما تضمنت المادة (19) الشروع والاشتراك في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في فصل التجريم ونصت المادة (20) على المسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعية والمعنوية في حين نصت المادة (21) على تشديد العقوبات على الجرائم التقليدية المرتكبة بواسطة تقنية المعلومات.
حق المؤلف والحقوق المجاورة
تضمنت المادة (17) الجرائم المتعلقة بانتهاك حقوق المؤلف والحقوق المجاورة موضحة ذلك بأن انتهاك حق المؤلف كما هو معروف وذلك إذا ارتكب الفعل عن قصد ولغير الاستعمال الشخصي ، ومثله كذلك فإن انتهاك الحقوق المجاورة لحق المؤلف ذات الصلة كما هي معرفة حسب قانون الدولة الطرف أيضا وذلك إذا ارتكب الفعل عن قصد ولغير الاستعمال الشخصي وتضمنت المادة (18) الاستخدام غير المشروع لأدوات الدفع الإلكترونية وقد حددت ذلك : كل من زور أو اصطنع أو وضع أي أجهزة أو مواد تساعد على تزوير أو تقليد أي أداة من أدوات الدفع الالكترونية باي وسيلة كانت وكذلك كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في الوصول بدون وجه حق الى أرقام أو بيانات أداة من أدوات الدفع وكل من قبل أداة من أدوات الدفع المزورة مع علمه بذلك.

التعاون القانوني والقضائي
وفي ما يتعلق بالتعاون القانوني والقضائي فيمكن اإيجازه على النحو التالي : أشارت المادة (30) الى موضوع الاختصاص وهو التزام كل دولة طرف بتبني الإجراءات الضرورية لمد اختصاصها علي أي من الجرائم المنصوص عليها في الفصل الثاني من الاتفاقية وذلك اذا ارتكبت الجريمة كليا أو جزيئا أو تحققت في إقليم الدولة الطرف أو على متن سفينة أو طائرة تحمل علم الدولة الطرف أو من قبل احد مواطني الدولة الطرف اذا كانت الجريمة يعاقب عليها حسب القانون الداخلي في مكان ارتكابها او اذا ارتكبت خارج منطقة الاختصاص القضائي لأي دولة أو اذا كانت الجريمة تمس إحدى المصالح العليا للدولة ، كما أشارت المادة (31) إلى تبادل تسليم المجرمين بين الدول الأطراف شريطة ان تكون تلك الجرائم يعاقب عليها في قوانين الدول الأطراف المعنية بسلب الحرية لفترة أدناها سنة واحدة او بعقوبة أشد كذلك يخضع تسليم المجرمين للشروط المنصوص عليها في قانون الدولة الطرف التي يقدم اليها الطلب او لمعاهدات التسليم المطبقة بما في ذلك الأسس التي يمكن للدولة الطرف الاستناد عليها لرفض تسليم المجرمين.. كما يجوز لكل دولة طرف من الأطراف المتعاقدة أن تمتنع عن تسليم مواطنيها وتتعهد في الحدود التي يمتد إليها اختصاصها بتوجيه الاتهام ضد من يرتكب منهم لدى أي من الدول الاطراف الاخرى جرائم معاقبا عليها في قانون كلّ من الدولتين بعقوبة سالبة للحرية مدتها سنة او بعقوبة أشد لدى أي من الطرفين المتعاقدين وتضمنت المادة (32) المساعدة المتبادلة بين جميع الدول الأطراف لغرض التحقيقات كما تضمنت المادة (33) موضوع المعلومات العرضية المتلقاة ، هذا وتضمنت المادة (34) الإجراءات المتعلقة بطلبات التعاون والمساعدة المتبادلة.

السرية وحدود الاستخدام:
تضمنت المادة (36) موضوع السرية وحدود الاستخدام للمعلومات.. حيث يجوز للدولة الطرف المطلوب منها توفير المعلومات او المواد الموجودة في الطلب بشرط : الحفاظ على عنصر السرية للدولة الطرف الطالبة للمساعدة ولا يتم الالتزام بالطلب في غياب هذا العنصر كذلك عدم استخدام المعلومات في تحقيقات أخرى غير الواردة في الطلب وفي حالة أن الدولة الطرف الطالبة لا تستطيع الالتزام بالشرط أعلاه فيجب عليها إعلام الدولة الطرف الاخرى والتي ستقرر مدى إمكانية توفير المعلومات أما في حالة قبول الدولة الطرف الطالبة بهذا الشرط فيكون ملزما لها.


وأشارت المادة (37) إلى موضوع الحفظ العاجل للمعلومات المخزنة على أنظمة المعلومات وذلك انه لأي دولة طرف أن تطلب من دولة طرف أخرى الحصول على الحفظ العاجل للمعلومات المخزنة على تقنية المعلومات التي تقع ضمن إقليمها وكذلك الحال ما أشارت اليه المادة (38) التي تضمنت الكشف العاجل لمعلومات تتبع المستخدمين المحفوظة وتضمنت المادة (39) موضوع التعاون والمساعدة الثنائية المتعلقة بالوصول الى معلومات تقنية المعلومات المخزنة ، هذا وتضمنت المادة (40) الوصول إلى تقنية لمعلومات عبر الحدود ، وتضمنت المادة (41) التعاون والمساعدة الثنائية بخصوص الجمع الفوري لمعلومات تتبع المستخدمين وعلى كل دولة طرف توفير المساعدة.. كما تضمنت المادة (42 ) التعاون والمساعدة الثنائية في ما يخص المعلومات المتعلقة بالمحتوى حيث تلتزم الدول في ما بينها بتوفير المساعدة الثنائية في ما يتعلق بالجمع الفوري لمعلومات المحتوى لاتصالات معينة تبث بواسطة تقنية المعلومات إلى الحد المسموح وبحسب المعاهدات المطبقة والقوانين المحلية ، وتضمنت المادة (43) الجهاز المتخصص حيث تتكفل كل دولة وفقا للمبادئ الاساسية لنظامها القانوني بوجود جهاز متخصص ومتفرغ على مدار الساعة لضمان توفير المساعدات الفورية لغايات التحقيق والإجراءات المتعلقة بجرائم تقنية المعلومات او لجمع الأدلة بشكلها الالكتروني في جريمة معينة مع ضمان كل دولة طرف توفير العنصر البشري الكفؤ من اجل تسهيل عمل هذا الجهاز.

 

تنـويه :

تنظم صباح يوم غداً منظمتي (مدى وتجديد للتنمية والديمقراطية) ورشة عمل حول الجريمة الالكترونية، حيث سيشارك فيها عدد من القضاة والمحاميين ووكلاء واعضاء في النيابة العامة وبعض المهتمين بهذا الشأن ، والتي ستستمر لمدة ثلاثة ايام ، وسيحاضر فيها العديد من الكوادر الجامعية والقضاة المختصين بالجرائم الالكترونية.

وتقام الورشة بدعم من منظمة الأمم المتحدة الانمائية (UNDP) .

 

*المراجع:

المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية