فاروق يوسف يكتب:

عبيد اردوغان ومرتزقته

لدى الرئيس التركي بضاعة جاهزة للتصدير. وهي بضاعة تعيدنا إلى عصور العبودية. السوريون هم تلك البضاعة كما لو أن كوارثهم لا تكفي.

لقد سبق لاردوغان أن ابتز أوروربا باللاجئين السوريين وقبض الثمن. وها هو اليوم يعلبهم ويرسلهم إلى ليبيا لينضموا إلى ميليشيات طرابلس.

مشروع اردوغان لا يمكن النظر إليه بمعزل عن معتقدات الرجل الشخصية. غير أن ذلك لا يكفي لكي يكون مسوغا للتدخل في مشكلة صارت عبارة عن ملف حظي باهتمام المجتمع الدولي بتشعب واختلاف مصالح أطرافه.

ذلك يعني أن ورقة التدخل التركي لم تكن جاهزة قبل أن تشعر الميليشيات في طرابلس بأن مصيرها صار معلقا في الهواء وأن أطرافا دولية تخلت عنها بعد أن كانت تحتضنها.  

غير أن ذلك كله يمكنه ركنه جانبا حين النظر إلى حجم المأساة السورية التي صارت عبارة عن منجم للإرهاب.

فالسوريون التي لعبت بهم الأقدار صاروا رهائن تتبادلها التنظيمات الارهابية باعتبارهم أدوات قتل بعد أن تركوا مزارعهم ومصانعهم وقراهم نهبا لرياح الشر التي كان اردوغان ومن خلفه أجهزة مخابرات عديدة تنظم اتجاهاتها وتهبها أقنعة تضفي عليها نوعا من الاستقلالية.

ولكن بالعودة إلى دوافع اردوغان الشخصية التي تتمحور حول استعادة الخلافة العثمانية في إطار جديد يمكننا الانصات إلى كلمات أبي بكر البغدادي الذي أعلن خلافته من ولاية الموصل.

كان اردوغان والبغدادي يسيران في اتجاه الهدف نفسه.

خلافة البغدادي هي بالنسبة لأردوغان حلم مؤجل، يسخر الرجل من أجله كل ما لديه من أساليب الحيلة والخداع والمكر وصولا إلى القيام بممارسات لا إنسانية لا تضع اعتبارا لكرامة الإنسان.

فالسوريون الذين هربوا من الحرب في بلادهم ولم يوفقوا في الوصول إلى ملاذ آمن ظلوا سجناء المزاج الاردوغاني حيث لا شيء يضمن لهم العيش الكريم في ظل شهية مفتوحة على الحروب.

وإذا ما كان السوريون الهاربون قد اكتشفوا مبكرا أن الحرب التي وقعت في بلادهم هي ليست حربهم بل هي حرب ترعاها أجهزة مخابرات دولية يقوم اردوغان بالتنسيق بينها فإن قدرهم جعلهم يقعون بين فكي الوحش الذي ما أن هزمت تنظيماته الارهابية في سوريا وفي مقدمتها داعش حتى صار يتلفت بحثا عن أرض أخرى يمارس عليها شروره.

وها هو يجد في ليبيا مساحة مفتوحة له بعد أن تلقى الدعوة من التنظيمات الارهابية التي تحكم في طرابلس. المعلن من الامر يركز على ما هو عقائدي، غير أن الحقيقة تذهب أبعد من ذلك.

فاردوغان المؤمن بعقيدة الاخوان المسلمين هو في الحقيقة متعهد حفلات قتل، وهي صفة اكتسبها من خبرته في إدارة التنظيمات الارهابية في سوريا والعراق. وهو عن طريق تلك المهنة انما ينجز عملين صار يعتبرهما ضمانة لتكريسه شخصية عالمية.

يخدم اردوغان أجندة التنظيم العالمي للاخوان الذي يعتقد البعض أنه صار على مقربة من أن يتوج رئيسا له وفي الوقت نفسه فإنه يقدم خدمات مقنعة لأجهزة مخابرات دولية تسعى إلى إدامة الأزمات في مواقع عديدة من العالم العربي.

ولأن اردوغان صار مطمئنا إلى أن المجتمع الدولي لن يعرضه للمساءلة بسبب سلوكه الاجرامي في رعاية التنظيمات الارهابية وتدريبها وفتح حدوده أمامها فإنه صار يعلن عن قيامه بتجنيد المرتزقة وتاسيس شركات أمنية تكون مهمتها الرئيسة المساهمة في نشر الارهاب.

غير أن المرتزقة الذين وقع اختياره عليهم هم رهائنه السوريين. تلك جريمة مزدوجة. ليس الاغراء المادي وحده هو ما يدفع اولئك الضائعين بالتضحية بأنفسهم في حرب لا يعرفون عنها شيئا. بل أن خوفهم من أن يُطردوا من تركيا قد يكون هو السبب الرئيس.

لذلك فإن اردوغان يقيم شركاته الأمنية على أساس استعباد السوريين وهو ما يمكن أن يشكل جريمة ضد الإنسانية.