فاروق يوسف يكتب:

قطر على صفيح ساخن

ليس هناك من تفسير منطقي لما يقوم به حكام قطر من سفرات مكوكية من أجل التهدئة في المنطقة كما يُقال. قطر قلقة على مصيرها ومصير المنطقة أكثر من إيران.

ما أن اسقطت الدفاعات الجوية الإيرانية الطائرة المدنية الأوكرانية حتى سارع أمير قطر إلى زيارة إيران. هل حدث ذلك قبلها؟ أي بعد مقتل سليماني. لست متأكدا.

الأكيد أن الطائرة التي قتلت قاسم سليماني انطلقت من قاعدة العديد التي تقع على الأراضي القطرية. وهي قاعدة أميركية قديمة.

ربما ذهب الأمير للإعتذار وهو ما يتفهمه الإيرانيون، لكنهم في المقابل سيطلبون ثمنا. هناك تعويضات هائلة يجب أن تُدفع إلى أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية وهو ما ستتبرع قطر بالقيام به.

الفكاهة في ذروتها. إيران ترتكب الجريمة وقطر تدفع التعويضات.

وكما أعتقد فإنه ليس دورا مناسبا للقيادة القطرية.

ما حاجة القطريين للإيرانيين لكي يتحملوا كلفة جرائمهم؟

سيُقال إن هناك علاقة استراتيجية. ولكنها علاقة لم ينتفع منها الشعب القطري في شيء. سيُقال أيضا إن الطيران القطري يمر في الأجواء الإيرانية والعراقية فقط. ذلك يعني أن إيران تتحكم بقدرة الطيران القطري على الوصول إلى العالم.

ولكن قطر ليست ملزمة بذلك إن هي أعادت النظر بسياساتها التي جعلتها خاضعة لإملاءات دولة الملالي.

في إمكان قطر أن تستعيد وضعها الطبيعي إن هي قررت الإخلاص لنفسها.

ما الذي يدفع بها إلى ركوب ذلك المركب الصعب؟

من وجهة نظري الشخصية فإن قطر في مشكلة وجودية. فهي من جهة لا ترى نفسها جزءا من المنطقة وهي من جهة أخرى ترى في نفسها القدرة على قيادة المنطقة في مرحلة مقبلة، بالرغم من أنها عمليا تعترف أن دولا في المنطقة هي التي تصنع خرائط الصراع الذي لا يمكنها التحكم به. فهي دولة صغيرة.

لا تصلح قطر أن تكون وسيطا بين دولتين.

سيكون ذلك الاستنتاج مناسبا لعقلي الصغير.

تملك قطر صلة بالميليشيات والتنظيمات الارهابية. ذلك لا يحتاج إلى دليل. ولكنها لن تتمكن من ابتزاز العالم بتلك الصلة. هناك دور مرسوم ينتهي عند خط معين. بعده لن يكون الارهاب حادثا عرضيا.

لا أحد يغفر لإيران جريمتها في اسقاط طائرة مدنية. لذلك فمن غير المعقول أن تكون قطر، وهي دولة غير معنية، حاضرة في ذلك المشهد.

ما الذي حدث لقطر لكي تصنع مصيرها بطريقة لا تخدمها؟  

غير مرة لعبت قطر دور الوسيط بين طرفين، كان أحدهما دائما تنظيما ارهابيا. 

لم يقع ذلك بالصدفة. لقد كان الاختيار يقع على قطر للعب دور الوسيط بسبب معرفة مسبقة بأن لها صلة بالتنظيمات والجماعات الارهابية.

وليت الامر توقف عن حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني بل تعداهما إلى طالبان وجبهة النصرة والميليشيات الإيرانية في العراق وجماعات ارهابية لا حصر لها كانت قد ساهمت في الحرب السورية.

حين يقول المرء أن هناك شبهات تحوم على تلك الوساطات فإنه لا ينطلق من موقف معاد لقطر، بل لأن الامر هو كذلك بغض النظر عن الطرف الذي يقوم بتلك الوساطات.

ولكن تلك الوساطات كانت دائما مصحوبة بأموال، غالبا ما كانت تُدفع للجماعات الارهابية وهو ما لا يمكن أن تتورط فيه إلا دولة لها مصلحة في مد تلك الجماعات بالمال. 

لنعد الى الموضوع الإيراني. يبدو أن قطر اختارت الحوار مع ميليشيات إيران في العراق من أجل التهدئة في ايحاء منها بأن الولايات المتحدة هي التي كلفتها بالقيام بذلك.

وسواء كان ذلك الايحاء قائما على أساس صحيح أم لا فإن القيام بذلك الدور لن يضيف إلى قطر شيئا. ذلك لأنها ذاهبة للتفاوض مع طرف لا يملك من قراره شيئا. 

لا أملك هنا الحق في أن اقدم نصيحة بأن تقوم الدوحة باستعمال الأموال الفائضة التي ستدفعها إلى تلك الميليشيات في تطوير مشاريع تنمية بشرية حقيقية ترقع من مستوى الشعب القطري إنسانيا وثقافيا وحضاريا، بدلا من ترك الهوة تتسع بيته وبين ما تشهده بلاده من تطور عمراني.