محمد مرشد عقابي يكتب:

2020م عام الحرب العالمية للغاز في المتوسط

يؤكد العديد من خبراء الإقتصاد الدولي بانه عندما تستقر الأوضاع ويبدأ العمل باستخراج الغاز السوري ستتحول سورية الى واحدة من أفضل دول المنطقة اقتصادياً، خبراء الإقتصاد انفسهم يشيرون الى ان قد بدأ الصراع على الغاز والبترول في شرقي البحر الأبيض المتوسط خفياً منذ عام 1966م عندما اكتشفت سفن أبحاث بريطانية حقولاً للغاز في جبل إراتوسثينس ثم جاءت الولايات المتحدة وروسيا بين أعوام 1977م و 2003م لتؤكد أن الغاز في شرقي المتوسط يمتد من شواطئ اللاذقية إلى غربي مصر، في جبل إراتوسثينس الممتد تحت مياه المتوسط اعتباراً من جرف اللاذقية إلى شمالي دمياط بـ 180 كلم، ثم شاركت دولة الكيان الصهيوني عام 1997م في البحث بعدما نشرت شرقي المتوسط مجسات إلكترونية بذرائع حماية أمنها من اي هجمات معادية، أعلن في 17 آب 2010م بعد مسح جيولوجي عبر السفينة الأميركية نوتيلس وبمساعدة تركية أن واحدة من أكبر حقول احتياطي الغاز في العالم تقع شرقي المتوسط وهو حقل "لفيتان" العملاق للغاز باحتياطي قدره 23 ترليون قدم مكعب، ورغم أن الكيان العبري سطى على مياه لبنان ومصر لكن يبقى نصيب سوريا ولبنان ومصر أكبر من نصيبها، أما تركيا فخرجت خالية الوفاض فشواطئها ومياهها خالية من قطرة بترول أو غاز واحدة فكيف الطريق إلى هذا الكنز في ظل الربيع العربي.

تسابقت 9 شركات عملاقة لاستخراج الغاز والبترول من شرقي المتوسط منها Total الفرنسية و ExxonMobil الأميركيّة British Petroleum والبريطانيّة وShell الهولنديّة وNobel Energy الأميركيّة يمتلك فيها جون كيري أسهماً بقيمة 1 مليون دولار وشركة Delek الإسرائيلية و ENI الإيطالية، وشركة Gazprom غازبروم الروسية.

كانت إسرائيل وقبرص السباقتان لذلك وفي 3 تشرين الأول 2012م وقعت الشركة الأسترالية وود سايد عقداً بقيمة 696 مليون دولار مع تل أبيب لاستثمار 30% من الغاز السائل في حقل ليفياثان وطورت إسرائيل درعاً صاروخياً أسمته "مقلاع داوود الصاروخي" لصد أي هجوم معادي، يتركز الاحتياطي السوري من الغاز والبترول في البادية السورية والساحل بواقع 83% بينما يوجد في الجزيرة السورية فقط 12%، خلافاً لما هو معروف ومتداول، وبحسب الدراسات الحديثة تبـدأ آبار الجزيرة السورية بالنضوب اعتباراً من عام 2022م بينما باقي الحقول في البادية والساحل التي بدأ اسـتغلالها عام 2018م ستبقى حتى عام 2051م على الأقل.

ترتيب سوريا لعام 2008م في احتياطي الغاز كان في المرتبة 43 عالمياً بواقع 240,700,000,000 متر مكعب حسب List of countries by natural gas proven reserves بينما كانت بالمرتبة 31 باحتياطي البترول، اما في عام 2017م الإحتياطي السوري من الغاز في منطقة تدمر وقارة وساحل طرطوس وبانياس هو الأكبر بين الدول الست وهذا يجعل سوريا إن تم استخراج هذا الغاز واستثماره ثالث بلد مصدر للغاز في العالم، وستحتل سورية مركز قطر بعد روسيا وإيران، ويقدر مركز فيريل للدراسات احتياطي الغاز السوري بـ 28,500,000,000,000 متر مكعب، فثلاثة حقول غاز متوسطة الحجم شمال تدمر تكفي لتزويد سوريا كاملة بالطاقة الكهربائية 24 ساعة يومياً لمدة 19 سنة ان كانت هناك سلطات تهتم بالبنى الخدمية والتنموية وبتأهيل الإنسان من كافة النواحي، وما إصرار موسكو على الدفاع عن سوريا من فراغ انما ياتي لتأمين منفذ لها على المتوسط ولحماية هذا الحقل الإستراتيجي والضخم، وإنشاء قاعدة بحرية دائمة في طرطوس سببه بحر الغاز هناك وهو ما يؤكد أن روسيا مستعدة لخوض حرب عالمية من أجل ذلك، فالمعارضة السورية تعجز عن مواجهة الروس وحليفهم بشار الأسد الذي يسلم الامتيازات للشركات الروسية بإيعاز من طهران، وهو ما يجعل إيران تهيمن على الساحل السوري الخاضع معظمه للقواعد العسكرية الروسية الحليفة.

الجزيرة السورية وديرالزور  ومناطق سيطرة داعش سوف تنضب من البترول خلال السنوات القليلة القادمة بحسب استنتاجات ودراسات علمية اجريت بهذا الخصوص والتي تشير ايضاً الى ان خط غاز دولة قطر قد ينتهي هو الآخر بمرور هذا الخط عبر الأراضي السورية، والنتيجة مما سبق فأي هدوء أو انتهاء للحرب في سوريا يعني أن موازين القوى انقلبت فجأة لصالح بشار الأسد وحلفائه اقتصادياً اذا لم يتم وضع الحلول المناسبة لرفع يد الأوصياء وفي مقدمتهم روسيا وإيران من ثروة الشعب السوري والإنتصار لإرادة هذا الشعب في العيش والحياة.