رشا فريد تكتب لـ(اليوم الثامن):

الثابت والمتغير في القضية الجنوبية

اليوم .. وبالقياس الى ما كانت القضية الجنوبية عليه منذ بدء النضال في التسعينيات مرورا بنشوء الحراك السلمي انتهاءا بالمخاض العسير للمجلس الانتقالي الجنوبي كممثل شرعي عن القضية الجنوبية, نجد وبالحتمية المطلقة ان القضية فرضت نفسها فرضا لأنها قضية عادلة وتمثل إرادة شعب كامل أبى على مر العصور أن يكون مطية للذل والهوان.

والمتمعن في تطور تلك القضية الى هذه اللحظة يستطيع ان يرى وبكل وضوح أن الجنوب اليوم وضع رجله ليبدأ مشوار بناء الدولة تزامنا مع بناء العلاقات الخارجية التي تضمن تبادل المصالح والأهداف مع الجوار والدول العظمى ..وجميع الخيارات متاحة امامه , وكما هو الآن في مواجهة المد الحوثي الصفوي الذي أثبت فعاليته في دحره ,فهو على الجانب الآخر يواجه حرباً ضارية من الجماعات المتأسلمة الباحثة عن بريق السلطة المدعومة إقليميا من دول مشبوهة تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة ,وهي نفس القوى التي أشعلت نيران الفتنة في جميع الدول العربية لتبقى هي مستبدة على شعوبها التي تواجه جميع أساليب القمع .

وعلى التحالف ان يدرك جيداً ان الجنوب هو الورقة الرابحة وان خسارته في المعركة مع الحوثيين تكمن في تعويله على الإصلاح وميليشياته, التي بدلا من أن تذهب لتحارب الحوثيين سلمتهم مواقعها وعدتها وعتادها وتتجه لمهاجمة الجنوبيين في أرضهم ,ويعد ذلك مؤشرا خطيراً يستدعي تفكيك تلك المليشيات فورا أو إرسالهم لتعزيز جبهة الحديدة ,ويعد ذلك ضرورة قصوى للحفاظ على أمن المنطقة فوجودهم فقد شرعيته فلم تعد هناك جبهة في التباب .

كل تلك المؤشرات ثابتة وتبحث عن استغلالها سياسيا لتمكين الجنوبيين من أرضهم بالأحقية المطلقة التي لا تقبل التأثير أو التغيير أو الانتقاص ,وبطبيعة الحال فإن السياسة العالمية متغيرة وتتطلب المرونة ومجاراة الواقع السياسي الذي يفرض فرضا.. ويجب على المواطن الجنوبي أن يعي تلك الحقيقة تماما, وحيث أنه ولا بد ان يتم قياس فعالية أي نشاط من تأثيره ,نجد أن القضية الجنوبية أثرت في الإرادة الشعبية التي تريد الرجوع إلى الدولة المدنية المستقرة ,وهذا من أقل حقوق الشعوب التي تضمنها القوانين الدولية ولا شك أنه من المعروف ان القانون فوق الجميع وما حصل في 94 م يؤكد أن الوحدة المزعومة انحرفت عن مسارها وقانونا هي ملغية وما يحدث حاليا هو اعتداء سافر من قبل دولة ضد دولة أخرى ..

وبالمجمل فإن الحل يكون بالعودة إلى الحالة السابقة ..وليس إلى النظام السابق الذي ارتكب من الأخطاء الجسيمة ما ارتكب وأضاع حقوق شعب كامل وجعل ماضيه وحاضره ومستقبله في مهب الريح.

وإذ أنه من الأولى التعامل مع الثوابت والمتغيرات كل على حدة لاجتياز النفق المظلم الذي نمر به حالياً وليس فتح ملفات الماضي- لمحاولة تحقيق مكاسب سياسية -,ولن يتأتى ذلك إلا بتفعيل دور الدولة الذي يجب أن يكون محترما وسياديا وفوق الجميع ,وحيث أن الانتقالي ملزم بتطبيق اتفاق الرياض فإنه غير ملزم بإعاشة الفاسدين والسكوت عن التلاعبات في مرافق الدولة ,فالفرصة متاحة أمام الحكومة لإصلاح مسار الدولة وإلا فإن الشعب لن يسكت وسيلتهم الفاسدين التهاما ,ولن تنفعهم تلك الدويلات التي لم تنفع نفسها ,وإن غداً لناظره قريب..