فاروق يوسف يكتب:

عقدة فريدا كاهيلو

الفنانة المكسيكية الأكثر شهرة فريدا كاهيلو لا تزال تثير الاهتمام. هي ليست رسامة كبيرة بالتأكيد. غير أنها صارت كذلك بفعل الدعاية. وهو ما كانت تحلم به دائما في حياتها.

فنانة تحب نفسها أكثر ممّا تحب الرسم. جعلت من السياسة سلما للصعود. وهو ما نجحت فيه. خدعت مَن حولها مِن الرجال وكانت تميل إلى معاشرة النساء.

تزوجت الرسام دييغو ريفييرا، وهو أشهر رسامي الواقعية الاشتراكية في المكسيك الذي رسم جداريات ضخمة، وجعلته عبدا لها. وارتبطت بنبي الثورة الدائمة الروسي ليون تروتسكي كما لو أنه كان يحبها.

كان بابلو نيرودا زائرها السري. تلك المرأة التي ولدت معاقة وصارت كذلك، تنقلت بين عشاقها كما لو أنها كانت جميلة زمانها. لم تكن رمية حظ. كانت تجسيدا لمؤامرة. فهي ليست جميلة، غير أنها تحولت إلى رمز لجمال وحشي.

بين حين وآخر تقيم المتاحف معارض لفساتينها التي تفصح عن ذائقة غجرية. حتى قدمها البديلة حظيت بعروض خاصة. ما من فنانة وصلت إلى أقصى حدود الأسطورة مثلما حدث لكاهيلو.

في المكتبة الفنية هناك مئات الكتب التي كُتبت عن حياتها وعن تجربتها الفنية بما لا يتناسب مع مكانتها الحقيقية في تاريخ الفن.

هناك عشرات الفنانات لم يحظين بما حظيت به من اهتمام بالرغم من أن تجاربهنّ الفنية كانت أهم من تجربتها، كإيفا هيسه ولويزا بورجوا، مثلا.

كاهيلو تحوّلت إلى ظاهرة عاطفية بالرغم من اعتقادي أن جهات سياسية تقف وراء شهرتها. غير أن تلك الجهات كانت أذكى من أن تكشف عن دوافعها. كان هناك دائما همس يتعلق بالدور الذي لعبته في مقتل تروتسكي الذي نفّذه أحد أفراد شرطة ستالين السرية. غير أن ذلك الهمس ظل في حدود الشائعة.

المؤكد أن الرسامة وزوجها لم يكونا قادرين على خذلان سيد الكرملين في صراعه مع عدوه اللدود. شيئا فشيئا نسي العالم الدوافع السياسية واحتفظت كاهيلو بشهرتها، كما لو أنها رسامة حقيقية.