فريد ماهوتشي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الخوف من توقعات ما بعد كارثة كورونا
يجب اعتبار ظاهرة كورونا أكبر اختبار وتحدي للحكومات. فقد شكلت هذه الظاهرة تحدي الحياة والموت لشعوب العالم، لكن بالنسبة للحكومات وقاطني الغرف الزجاجية في دائرة السلطة؛ بالإضافة للموت والحياة، فهي تحدي كبير للسياسة والاستراتيجية والجدارة ونوعية الكفاءة القيادية والاستجابة للمطالب الشعبية.
وتتضاعف مثل هذه الحالة، على وجه الخصوص، بالنسبة لحكم ولاية الفقيه وحكومتها التابعة لها. في الواقع، بالنسبة لحكومة ونظام الملالي، أصبح الدومينو تحديًا. أساس هذا الدومينو هو تحدي انعدام الثقة الشعبية (الكراهية المتفجرة)، وهو حجر الزاوية للتحديات الأخرى.
سياسة التستر والكذب الحكومية في قضية النشر والإعلان عن كورونا في وسائل الإعلام من بداية القضية حتى اليوم، أدت لفشل في الإدارة والتحكم في الأزمة، وعدم وجود طريق محدد للحل وانعدام المساعدة الشعبية.
في الحقيقة، فإن تحدي كورونا في إيران يملك وجهين متفاوتين بشدة.
وجه حيث لا يكترث الناس للحكومة ويعملون فيه على حماية ومساعدة بعضهم البعض، ووجه ينسج فيه عنكبوت نظام الملالي شبكة حول نفسه.
حصيلة مثل هذه الحالة جعلت النظام عالقاً بالفعل داخل تحدي كارثة كورونا، وبسبب عجزه وعدم كفاءته وسياسة البروباغاندا الكاذبة والمضللة جعلت النظام يعاني من العواقب، لدرجة أن مستقبل وتوقعات ما بعد كورونا أصبح كقنبلة متفجرة في وجه هذا النظام.
ولهذا يقضي النظام يومه مع هذه الأزمات وغيرها: "إذا ما تم تحليل ما قاله وفعله المسؤولون من تاريخ ١٨ و ١٩ فبراير ٢٠٢٠، سنصل حتما لكم كبير من التناقضات والتصريحات المتضاربة.
فمن عدم الاكتراث بشكل جدي للقضية منذ الأيام الأولى، حتى الإجراءات الخجولة في سياق المسافة الاجتماعية لقطع سلسلة انتقال الفيروس، وعدم فرض الحجر الصحي في قم وطهران وبقية المدن الأخرى، كل ذلك علامات على تخبط المسؤولين في كيفية التعامل مع كورونا" (صحيفة نجمة الصباح، ٤ أبريل ٢٠٢٠).
كما قيل سابقاً، فإن عدم الكفاءة والعجز بسبب التركيز على الهيمنة وفرض السلطة والنهب كان من أحد السمات والبصمات البارزة لهذه الحكومة.
وأطلقت صحيفة همشهري الحكومية لهذه المعضلة الكبيرة التي دفع ثمنها دائما الشعب الإيراني بحياته وروحه، واصفةً إياها "بالتخبط الاستراتيجي"، الذي وضع حكومة الملالي على المحك وتحت الاختبار يوماً بعد يوم وأكثر من أي وقت مضى في ظل هذه الظروف.
في الواقع، فيما يتعلق بأزمة كورونا، يجب القول أن: "الضعف في التخطيط قبل الأزمة والارتباك والتخبط الاستراتيجي في إدارة الأزمات كانت تحديات لحكوماتنا من الماضي إلى الحاضر". (صحيفة همشهري ٤ أبريل ٢٠٢٠).
كما أشير له سابقاً، فإن أزمة كورونا بالنسبة لنظام الملالي عبرت، بالإضافة لعدم الكفاءة والعجز وسوء الإدارة، عن أسس انعدام الثقة الشعبية الكبيرة، الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة وقاسية في فترة ما بعد كورونا بالنسبة للنظام: " كل يوم يصبح الجدار الموجود بين الشعب والمسؤولين أطول فأطول. من الممكن أن السلوكيات الناتجة عن التناقضات، واتخاذ القرارات المزدوجة، وانعدام الشفافية، هو ما سبب في انخفاض الثقة العامة بتصريحات المسؤولين" (صحيفة رسالت ٤ أبريل ٢٠٢٠).
كما يجب البحث عن جانب من هذه النتائج والعواقب في الابتذال المؤسسي في شخصية روحاني، الأمر الذي أدى لظهور تحدي صراع العصابات داخل الحكومة ذاتها: "يمكن لهذه التصريحات المزدوجة في تصريحات وخطب روحاني، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة كورونا، أن يتم وضعها كقطع لأحجية جانب بعضها البعض".
فقد تحدث في ٢٥ فبراير ٢٠٢٠ عن عودة الأوضاع لحالتها الروتينية المعتادة يوم الثلاثاء، وفي ٢٦ فبراير ٢٠٢٠، في اجتماع لمؤتمر عقد بشكل افتراضي باتصال فيديو مع مسؤولي محافظات قزوين وأذربيجان الشرقية والبرز ويزد، أعرب عن أمله في أن ينتهي وباء فيروس کورونا قريباً، بالتعاون مع الناس، وأن يكون الأسبوع المقبل احتفالاً بنهاية فيروس كورونا، وخلال الأيام القليلة الماضية، دون الاكتراث لتصريحاته السابقة، اعتبر بأن "كورونا قضية لا يمكن أن يقال إنها ستنتهي في يوم محدد، وقد تبقى معنا حتى الأشهر القادمة أو نهاية العام". (المصدر نفسه).
لقد وضعت أزمة كورونا بالفعل أزمة ما بعد كورونا في واجهة نظام الملالي منذ الآن، وقد ظهرت هذه الحقيقة بشكل جلي هذه الأيام بسبب "التخبط الاستراتيجي" للحكومة، حيث أجبر عملاء ووكلاء النظام بالاعتراف بها والتحذير منها مسبقاً: " العديد من الأشخاص لم يعد لديهم أي دخل منذ شهرين. من الممكن أن تقع أحداث فيما بعد كورونا. إذا بقيت هذه الحالة هكذا، قد يكون لدينا واحدة من عواقب إصابتنا القادمة، وأن تقع أحداث فيما بعد كورونا. يجب التعجيل بالحصول على موافقات على القرارات التي قدمناها في اللجنة الاجتماعية والأمنية" (اشتري، قائد قوات الشرطة، تلفزيون النظام، ١ أبريل ٢٠٢٠).
تُظهر قصة هذه الأيام الصعبة للشعب الإيراني حقيقة أن ما سيحدث لنظام الملالي في فترة ما بعد كورونا سيكون مختلفًا تمامًا عن أزمات ما قبل كورونا.
إن الألعاب التي لعبها هذا النظام بحياة وأرواح الشعب الإيراني في قضية كورونا ستضيف إلى الملفات المفتوحة سابقاً قضية ثقيلة، ستظهر نتائجها أثناء المواجهة والانتفاضات الشعبية في إيران.
على الرغم من عدم وجود تصور واضح لتوقعات فترة ما بعد كورونا في منظور أغلب دول العالم، إلا نظام الملالي يملك تصوراً واضحاً عن أكبر تحدي سيواجهه، حيث تمت تهيئة الأرضيات المناسبة لذلك في خلق الأزمة منذ البداية وانتشارها من قبل حكومة الملالي نفسها.
لكن الأكاذيب المفضوحة لروحاني ونظام الملالي لم يعد لها أي قيمة بالنسبة للشعب الإيراني، لأن الحقائق يتم الكشف عنها مسبقاً سواء من خلال شرائح المجتمع المختلفة، خاصة الكادر العلاجي؛ أو من خلال جهود منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وشبكاتها في الفضاء الافتراضي أو من خلال الشبكات الاجتماعية، والنظام لم يستطع ولا يريد أن يستطيع الوقوف أمام هذا الكم من الكشف الإعلامي الكبير، لذلك فإن أكاذيب ودجل المهرج روحاني، أظهرت الغضب والكره الشعبي للشعب الإيراني بشكل استباقي، وهوما یرسم مستقبلا أسود ومظلم للنظام.