فاروق يوسف يكتب:

هل انتهى زمن حركة النهضة بانقضاء زمن الغنوشي؟

سيكون ضروريا بالنسبة لحركة النهضة الإسلامية أن تتم إزاحة زعيمها راشد الغنوشي من منصب رئاسة مجلس النواب، لكي يتم إبعاده من موقع زعامتها الذي صار الرجل فيه عبئا ثقيلا عليها.

في المقابل، فإن غياب الغنوشي باعتباره شخصية تاريخية في الحركة، سيتيح لها تجديد مساراتها من خلال إعادة النظر في السياسات التي رسمها الغنوشي تبعا لمزاجه وعلاقاته الشخصية والتي أضرت كثيرا بسمعة الحركة.

وكما هو واضح فإن الحركة ستستفيد من المناخ العام المناوئ للغنوشي، لتتخذ قرار إقالته الذي هو مناسبة لاستبعاده من الحياة السياسية، وفي ذلك ما يدخل في مصلحته ويجنبه الكثير من المساءلات القانونية.

ليس من المستبعد أن يكون الغونشي، وقد فاجأه خصومه في مجلس النواب بشراسة لم يعهدها بعد أن تمكنوا من تجميع معطيات تدينه، هو من أوحى لمجلس شورى الحركة بالقيام بحركة انقلابية ضده.

سيكون التخلي عنه من قبل الحركة ممكنا في كلا الحالين. إن أدانه مجلس النواب وسحب منصب الرئاسة والحصانة النيابية منه وحوّله إلى القضاء أو اكتفى بتوبيخه والطلب منه تقديم استقالته.

لقد انتهى زمن الغنوشي.

لن تنقذ حركة النهضة نفسها ولن تستعيد موقعها في الحياة السياسية بوجود رجل تحوم حوله شبهات الفساد والاتصالات الخارجية مثل الغنوشي. لم يعد الميزان الذي كان يتحكم به الرجل مضبوطا.

فإما أن يغادر أو تسقط الحركة كلها.

ليس النهضويون أفذاذاً أو أذكياء، غير أنهم سيميلون إلى ما ينفعهم ويضمن الحفاظ على مصالحهم. لذلك سيكون التخلص من زعيمهم في مقدمة قراراتهم لإنقاذ مسألة استمرارهم في الحياة السياسية بتونس.

ولكنه قرار قد تأخر كثيرا. لذلك فإنه لا يكفي لكي تحل الحركة مشكلاتها المتراكمة التي أدت إلى أن يضيق الشارع التونسي ذرعا بها. هناك تاريخ من الفوضى لا يمكن للحركة أن تبرئ نفسها منه.

هناك سيل من الاتهامات يلاحقها كما أن ملفات عديدة لم تفتح بعد. تلك ملفات، ستكون كما يبدو جزءا من تاريخ الحركة. فما فعلته عبر السنوات الماضية يفتح باب الشك على صلاتها بالعنف السياسي وبعمليات الفساد المالي التي جرت في ظل احتكارها جزءا كبيرا من الحكومة باعتباره إقطاعية خالصة لها.

سقوط الغنوشي السياسي سيؤدي بالضرورة إلى إضعاف حركة النهضة. وهو ما أتوقع أن قيادات الحركة قد استعدت لمواجهته وبالأخص بعد انسحاب عبدالفتاح مورو وهو نائب رئيس الحركة ومنظرها في الحياة السياسية.

كان مورو ذكيا في اختيار توقيت انسحابه.

فالحركة مركب يغرق، سواء بقي الغنوشي زعيما لها أو انسحب من موقع الزعامة. تلك هي وجهة نظره المبيتة التي دفعته إلى تقديم استقالته واعتزال العمل السياسي.

غير أن هناك مَن لا يشاطر مورو رأيه.

تلك هي الفكرة التي تقف وراء تحميل الغنوشي وأتباعه مسؤولية انهيار سمعة الحركة وتعرضها للانشقاقات التي يمكن أن تؤدي إلى انكماش قدرتها على التأثير على الناخب في الانتخابات المقبلة.

فالغنوشي الذي صار يتعامل بقدر لافت من التعالي والغطرسة داخل مجلس النواب لم يكن سلوكه داخل الحركة يشي بقدر من التواضع. تلك نقطة ليست لصالحه. وهي ما كانت عامل تشجيع لخصومه داخل الحركة لكي ينظموا أنفسهم في تيار مناوئ لاستمراره في الزعامة.

تراهن الأغلبية اليوم على التخلص من الغنوشي لكي تستعيد حركة النهضة شعبيتها. غير أن ذلك قد يكون رهانا متأخرا. ذلك لأن خصوم الغنوشي هم في الوقت نفسه خصوم حركة النهضة والملفات التي يهددون بفتحها لا تخص الغنوشي وحده بل تضع الحركة أيضا في مواجهة القضاء.

هل انتهى زمن حركة النهضة بانقضاء زمن الغنوشي؟

ذلك ما يحاول النهضويون الجدد أن يقفزوا عليه