غازي الشعيبي يكتب:

ما ينبغي علينا في ظل كورونا

تمر البشرية بفترة حرجة للغاية, وذلك بسبب فيروس بسيط لا يرى بالعين المجردة, فسبحان الله العظيم الذي يضع سره في أصغر خلقه, حتى أن هذا المخلوق العجيب, حير العالم بأسره, ووضع العالم كله في مأزق, لايستطيع عالم التكلنوجيا أن يبيده بجنوده وبمعداته وعلمه وحداثة أبحاثه, حتى ايقنا أن هذا صنع الله في خلقه, بقدرته وقوته سبحانه جل جلاله, واكتشفنا أنفسنا وأوضاعنا وأدركنا أننا لا نملك لأنفسنا ضراً ولا نفعاً إلا بإرادته سبحانه وتعالى, كما جعلنا هذا البلاء ندرك أننا ضعفاء لاحول لنا ولاقوة الا بالله, غرتنا الدنياء وعرفنا قيمة كل صغيرة وكبيرة فيها, حتى أصبحنا نتمنى أن نعود إلى سابق عهدنا لنصلح ما أفسدنا وقد آن الأوان الآن أن نعيد ترتيب حساباتنا, فيجب علينا دائماً وأبدا أن نحسن الظن بالله, وأن نقيم ما أمرنا به, نعم هذا أختبار من الله وقدره سبحانه وتعالى, ولكن من أراد أن يشعر بالسعادة فعليه أن يتيقن كل اليقين بأن مع العسر يسرا, وأن الغمة سوف تزول بإذن الله, يقينا بالله وأن مايصيبنا من الله إلا خير.

كما ينبغي علينا كذلك التسلح بالإيمان وبالتفاؤل والأمل والرجاء في الله تعالى, وبالنظرة الإيجابية للحياة والمستقبل معاً, فالتفاؤل هو النور الذي يضيء لنا طريقنا في ظلمات دروب الحياة, وهو الأكسجين الروحي الذي يساعدنا في استمرار حياتنا ملؤها المحبة والسعادة, فهذه السعادة والرضا بقضاء الله وقدره والصبر على البلاء والمحن تجعلنا أقوياء دوماً في نفوسنا وأرواحنا, فكل هذه الأمور مع النظرة المتفائلة للحياة والبعد عن اليأس والتشاؤم, تقوي مناعتنا الجسدية الداخلية, هذه المناعة هي التي تدفع عنا الأسقام والأمراض ودخول الفيروسات, لهذا الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن ويكره الطيرة والتشاؤم, لقد جاء في الأثر: "تفاءلوا بالخير تجدوه" , ما أروعها من كلمة, وما أعظمها من عبارة, وهي ليست حديثاً نبوياً كما يظن البعض, ولكنها حقيقة واقعة, ووصفة مجربة, من تفاءل بالخير وجده, ومن سعى للسعادة حصلها, ومن عاش التشاؤم قتله, أو قتل بالهم عمره فضاع سدى وحسرة, علماً أن التفاؤل من القيم الإيجابية والصفات الرئيسية لأي شخصية ناجحة, فهو يزرع الأمل, ويعمق الثقة بالنفس, ويحفز على النشاط والعمل, ويرفع الهمم, وهذه كلها عناصر لا غنى عنها لتحقيق النجاح.

وفي هذا السياق قال الحكماء قديماً "من صبر وتأنى نال ما تمنى" وأن مع العسر يسرا, وأن الفرج مع الكرب, وأن النصر مع الصبر, ما أحوجنا هذه الأيام الى أن نغلب الأمل على اليأس, والتفاؤل على التشاؤم, والرجاء على القنوط, والبسمة والفرح على الحزن, فتبسمك في وجه أخيك صدقة كما جاء في الحديث الشريف, وبهذه المناسبة أذكر الأغنياء ببعض قيم ديننا الإسلامي كالتضامن والتعاون والتكافل بين الناس ومساعدة الفقراء والمرضى وأصحاب الحاجة, وخصوصاً في هذه الأيام الحرجة التي تمر بها بعض الأسر, بسبب انحباسهم في البيوت وعدم ممارسة نشاطاتهم العملية والتجارية, لهذا ينبغي علينا جميعاً وخصوصاً من له الاستطاعة والقدرة على الإنفاق, فإذا كان قادراً وأحجم عنه وهو يعلم بأن له جيران وأقارب في أمس الحاجة إلى المساعدة فهو آثم, وأخشى أن يدخل في زمرة الذين قال فيهم نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" , وعليه فدرس كورونا مهم ومفيد جداً لعلنا نتذكر أو نخشى ونقوم بالقطيعة مع بعض العادات والسلبيات التي انتشرت في مجتمعاتنا العربية والإسلامية كالغش والتدليس والسرقة والاحتكار وأخذ أموال الناس بالباطل والتطفيف في الكيل والميزان, وهذه الأمور كما يعلم الجميع محرمة شرعاً في ديننا الإسلامي ولا خلاف عليها بين أهل العلم, وتزداد حرمة وقبحاً وشناعة في زمن الحروب والزلازل وانتشار الوباء, كالطاعون والكورونا وغير ذلك.

لكن للأسف في مجتمعاتنا المسلمة تكثر هذه الظواهر السلبية اللا أخلاقية أكثر فأكثر, والطامة الكبرى هي عندما ترتكب باسم الوطنية, وباسم الدين, وباسم العمل الخيري الإسلامي, وباسم كلام رب العالمين, مع أن الله سبحانه وتعالى حذرنا في كتابه الكريم من هذه الأفعال اللا إنسانية المشينة, كما حذرنا كذلك من البيع والشراء بكلامه جل جلاله يقول سبحانه: "ولا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا..".

ومما سبق ذكره أقول لكم بكل يقين لا تخافوا ولا تحزنوا فإن الفرج قريب إن شاء الله تعالى, وهذا وعد من الله لعباده, والله لا يخلف الميعاد, عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله عز وجل داء, إلا أنزل له دواء, إلا السام" قالوا: يا رسول الله وما السام؟ قال: "الموت".

نسأل من الله تعالى العفو والعافية في الدنياء والآخرة وأن يحفظنا ويحفظكم بحفظه, ويحفظ جميع البشر في مشارق الأرض ومغاربها من كل سوء ووباء, إنه سميع قريب مجيب الدعاء .