ماجدة طالب تكتب لـ(اليوم الثامن):

المرأة اليمنية .. ومعوقات إشراكها في بناء السلام..!!

منذ عدة سنوات تواجه المرأة اليمنية جملة من التحديات والصعوبات والعراقيل التي أفرزتها الازمة اليمنية الحالية، وما تخللها من حروب وصراعات وانقسامات وفرز وتشظي، بفعل تعدد المكونات والولاءات السياسية وتقاطع ايديولوجيتها .. وهو الأمر الذي كانت له انعكاسات سلبية كبيرة على المرأة ومكانتها أنشطتها وتوجهاتها بشكل عام.
وتتجلى أبرز تلك الانعكاسات اليوم في تحول أعداد كبيرة من النساء اليمنيات اللاتي يقدن مسيرة المجتمع المدني في البلاد قبل الازمة، ويرأسن ويدرن العديد من المنظمات والمؤسسات ذات الطابع المدني والتنويري - إلى أدوات تدار وتسير وتحرك من قبل تلك المكونات والاحزاب السياسية، في حين تحولت منظماتهن ومؤسساتهن لخدمة تلك الأحزاب والجماعات السياسية، ما يعني انها انحرفت عن مسارها الصحيح، وتحولت من أدوات بناء إلى معاول هدم.
فالمنظمات اللاتي يسعين إلى نشر واشاعة مفاهيم وثقافة السلام، واللاتي كانت تضم العشرات من القيادات والأصوات النسائية المؤثرة من الناشطات والحقوقيات، فقد دورهن وغاب صوتهن، وانشطتهن على الساحة المحلية .. كما غابت مشاركاتهن في الفعاليات العربية والدولية الساعية الى ايقاف الحرب والدفع بعملية السلام .. وما هو موجود منها اقتصر دوره ونشاطه على الجانب الحقوقي والإنساني والإغاثي وهي أنشطة ضئيلة ليس لها أي تأثير .. وهذا بدوره يعد معضلة كبيرة، بل ويمثل انتكاسة بحق المرأة اليمنية تاريخها ونشاطها.
باعتقادي أن القرار الأممي الخاص بإشراك النساء في عملية إيقاف الحرب وبناء وتحقيق عملية السلام، واضح وصريح ولا يحتاج الى تفسير، لكن المؤسف ان المرأة اليمنية فشلت في تولي هذا الدور، وما قامت به في هذا الاتجاه يعد دور محدود وضئيل ولا يتعدى الـ1% مما هو مطلوب منها، وهذا الأمر يعد كذلك انتكاسة كبيرة للمراة في اليمن ويضاعف من الأدوار المطلوبة منها في المستقبل.
الأمر الوحيد الذي يبعث الطمأنينة هو ظهور عدد لا بأس به من القيادات النسائية الشابة والمستقلة، والاتي استطعن رغم عظم التحديات والعراقيل والصعوبات اللاتي واجهناها أن يلعبن أدوار جيدة في الساحة ويحققون خطوات جديرة بالاحترام رغم انها ضئيلة إلا أنه كان لها أثر كبير وملموس على ارض الواقع .. والجميل فيها انها جاءت بشكل طوعي، وان عدد من تلك القيادات بذلن مساعي كبيرة في سبيل الضغط على الأطراف الراعية لعملية السلام لإشراك النساء في عملية السلام وتمكين المرأة من رصد الانتهاكات والعنف الذي يطال النساء الحقوقيات .. وهذا الدور بصراحة جدير بالاحترام ويتطلب من الجميع تشجيعهن.
وما يؤسف له أيضا أن هذه الازمة بكل تقلباتها وتحولاتها كانت لها انعكاسات كارثية على المرأة اليمنية في مختلف المجالات .. إذ أن المراة تعد المرأة اليمنية العنصر الأكثر الثاني تضررا من هذه الازمة فالى جانب تعرضها للاستغلال من قبل الاطراف السياسية قاست ولا تزال تقاسي فصولاً مختلفة من العذاب والمعاناة الموسومة بالوحشية وتمارس بحقها انتهاكات من قبل المليشيات المتعددة مؤخرا بدءا بالتهميش والقتل ومرورا عبر الاختطاف القسري بالاعتداءات الجسدية، ثم التعذيب والاختطاف والاحتجاز والاخفاء القسري والاعتقالات التعسفية والاستخدام المفرط للقوة، والتجنيد
كما ان المرأة اليمنية عانت ولا تزال تعاني من الإقصاء من الوظيفة العامة، ومصادرة حقها في المشاركة السياسية والاجتماعية، وحرمانها من الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، وغير ذلك من الانتهاكات .. التي حولتها الى كائن مغيب ومهمش ومقيد وفاقد لكل حقوقه في الحياة .. وعليه ونتيجة لكل ما سبق نؤكد أن دور ونشاط وواقع وظروف المرأة اليمنية في الوقت الراهن بحاجة الى مراجعة وإعادة نظر وتصحيح بما يمكنها من استعادة نشاطها ودورها والقيام بواجباتها بالشكل المطلوب .. ومسئولية ذلك تقع ليس فقط على عاتق النساء وحسب وإنما على عاتق جميع المكونات والأطراف السياسية بما في ذلك الأطراف الراعية للعملية السياسية في اليمن وفي مقدمتها الأمم المتحدة.