وهيب الحاجب يكتب:
الانتقالي واستحقاقات الحكم الذاتي
لم يعدْ هناك من خيارٍ في الجنوب غيرُ فرضِ الأمر الواقع بأي صيغةٍ تعبّرُ عن تطلعات شعب الجنوب ومشروعه الوطني واستحقاقاته السياسية.. خيارُ الإدارةِ الذاتية آتى أُكُله وأثبتَ أن الشرعيةَ اليمنية لا تؤمنُ بالشراكة ولا تريد للكيان الجنوبي إلا الفناءَ والخروج من المشهد، ولو بإعادة الغزو والاحتلال مرات ومرات.. الانتقالي -رغم أخطائه- أوجد للجنوب والجنوبيين واقعاً سياسياً وعسكرياً لن تستطعَ أية قوةٍ محلية أو أقليمية أن تتجاوزَه أو تقفزَ عليه، ورسم -أي الانتقالي- للجنوب القضية والجنوبي الإنسان مستقبلاً سياسياً كفيلاً بإبقاء "القضية والإنسان" قوةً حاضرةً في واجهة أي فعل سياسي أو تسويات وتغييرات جيوسياسية تمسُّ المنطقةَ والإقليم بكامله..
الانتقالي -مع كل سلبياته- بات الحصنَ المنيع والصخرة التي تتكسرُ عليها مشاريعُ الضم والإلحاق والتبعيّة؛ لهذا تستميتُ الشرعيةُ اليمنية، ومراكزُ القوى الإخوانية داخلها، في شيطنة الانتقالي؛ استهدافاً للمشروع الذي يحمله لا لشخصياته ولا لارتباطاته الخارجية..
الإدارةُ الذاتية تحوّلتْ، بفعل تمرّد الشرعية، من هدفٍ إلى تكتيك، من الضروري أن تلحقه خطواتٌ حاسمة ومصيرية تعبُر عن الواقع الجنوبي، وتواجهُ الفشلَ والفراغ والإرث اللعين الذي خلفته الشرعية اليمنية وأدواتها في الجنوب.. الإدارة الذاتية يجب أن تُطورَ لتصبح حكماً ذاتيا بأي شكل منهجي تُحكم به الجنوبُ وتُدار به الجغرافيا الجنوبية خدميا وتنمويا وسياسيا وعسكريا، ولعمري إن تشكيلَ حكومة جنوبية بات أمراً لا ضير ولا مفر منه.. الواقع الجنوبي، إزاء التمرد اليمني، بات أكثرَ حاجةٍ لخطوة حاسمة ومصيرية، خطوة أكبر من أساليبِ الاستجداء، وأسمى من التمرس خلف البيانات العقيمة والتهديدات السمجة والتغريدات المراهقة.. الانتقالي أصبح اليوم أمام مسؤوليةٍ واستحقاق يجب مواجهته بحزم وشجاعة بعيداً عن المداهنة والاستعطاف والاستجداء.