محمد مرشد عقابي يكتب لـ(اليوم الثامن):

نظام المحاصصة هو أصل الفساد في العراق

أكد تقرير لصحيفة "ذي هيل" الأميركية ان معظم المشاكل الموهنة للوضع الإقتصادي العراقي والتي تعيق إنتقال الدولة العراقية نحو الديمقراطية هي الطائفية الراسخة والنظام السياسي الكليبتوقراطي الذي يهدر الموارد الضرورية للبلاد.

وذكر التقرير ان الفساد هو القضية المركزية التي تعاني منها جميع الحكومات العراقية المتعاقبة، لأفتاً الى ان العراقيون قد شجبوا ونددوا بعدم كفاءة وغموض المؤسسات الحكومية التي تديرها النخبة السياسية الموجودة حالياً على الساحة، مضيفاً بانه قد كانت هناك مطالب للحصول على وظائف وحركة واسعة ترفض الوضع الراهن لكنها تعرضت للممارسات قمعية وتعسفية.

واوضح التقرير بانه وبعد ما يقرب عقدين من التحول المضطرب من الديكتاتورية الى الديمقراطية الطموحة لا يزال الحكم ضعيفاً بسبب الإبتزاز المالي المستوطن على الرغم من الثروة النفطية الهائلة التي يمكن أن تعود بالنفع على جميع المواطنين وترفد كافة الأنشطة والقطاعات الحيوية للبلد، فقد تم تصميم الدولة العراقية بشكل أساسي لغسل عائدات النفط من خلال قطاع عام متضخم للأحزاب السياسية على أساس المحاباة والمحسوبية مع تجنب اي شكل من اشكال المساءلة الحقيقية.

مشيراً الى ان انتشار الوباء العالمي المستجد وإنخفاض اسعار النفط قد تسببا في فرض ضغوط وقيود جديدة على الدولة العراقية وكشف عن تآكل المؤسسات العامة واجهزة الدولة مثل كليات الطب والمستشفيات، وهو منتج ثانوي لا مفر منه من العائدات المهدورة.

وجدد التقرير التأكيد بانه قد طغت المستشفيات والعيادات الخاصة على حجم أزمة الجائحة ونقص الإمدادات الطبية العلاجية وحتى معدات الحماية الشخصية لآلاف الأطباء والممرضات وغيرهم من الموظفين، لأفتاً الى ان الإنخفاض الحتمي في الإيرادات جعل من المستحيل على الحكومة الحالية دعم ما تبقى من شبكة الأمان الخاصة بها، ومن المحتمل ان يؤدي أي تقشف إلى إشعال الغضب بالنظر إلى ان حوالي نصف الميزانية العراقية تذهب إلى رواتب الدولة والمعاشات التقاعدية مما يضاعف حجم المسؤولية وعدم الثقة العامة في مؤسسات الدولة الخدمية.

وقال التقرير : وبينما يعد نظام تقاسم السلطة هو العقبة الأكثر استعصاء فان اصل الفساد يكمن في المحاصصة والذي تم تبنيه واعتماده في عام 2003م يعطي الأولوية لمصالح الأحزاب على الكفاءة التكنوقراطية، وهو ما أدى الى بروز ثقافة سياسية تتمثل بتقاسم سلطة الحكومة بين أعضاء الأحزاب الذين يمتلكون النفوذ واغلبية المقاعد والأصوات لتعيين حوالي 800 وظيفة في الخدمة المدنية عبر الوزارات خلال مفاوضات مجلس الوزراء.

كما اشار التقرير الذي رصد أراء وانطباعات العديد من الخبراء والمحللين المهتمين بالشأن العراقي الى انه ومع كل انتخابات يستخدم كل حزب سلطة وزاراته ونفوذه لتوظيف المزيد والمزيد من الأعضاء والتابعين له والمحسوبين عليه على حساب الكفاءات المستحقة الأخرى، الأمر الذي أدى الى توسيع فجوة العجز الإقتصادي وضاعف من إلتزامات الدولة المالية تجاه موظفيها، وهو الشيء الذي خلق حالة تضخم غير مسبوقة في كشوفات المعاشات (الرواتب) من 850.000 موظف في عام 2004م الى أكثر من سبعة ملايين موظف في عام 2016م مما سيجعل تفكيك الشبكات الكليبتوقراطية يتطلب جهداً كبيراً ومساع حثيثة ونوايا صادقة واكثر جدية وهو الشيء الذي يعد من الصعب فعله في ظل الوضع العراقي القائم حالياً.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة الى ان العراق يحتاج في هذه المرحلة بالذات من تأريخه السياسي الى تكاتف جميع أبنائه لإحداث نقلة نوعية وهذا لن يتأتى ان لم يكن هناك حرص وإدراك بحجم المسؤولية الوطنية والوعي بان هذه المشاكل ليست مجرد هيكلية بل سياسية وثقافية واجتماعية ايضاً، كما يجب أن يكون هناك انتشار قوي لوسائل الإعلام لمواكبة الوقائع والأحداث، سيما وهي تمثل السلطة التي يقع على عاتقها توضيح الحقائق وكشف بؤر الفساد واسبابه وتأثيراته السلبية ونشر البيانات المقنعة للرأي العام لبناء بيئة مواتية للتغيير وإصلاح مكامن الإختلال والأوضاع المتردية وهي المشروع الذي يتطلع لتحقيقه كافة العراقيين.