محمد مرشد عقابي يكتب لـ(اليوم الثامن):

فلسطين.. وخيارات المقاومة لإستعادة الأرض والهوية

تعدت إسرائيل العقبة الفلسطينية الكئود وتجاوزت جميع الحواجز التي وضعت امامها في طريقها لإختراق العالم العربي، فمنذ توقيعها اتفاق "اوسلو" الكارثي مع منظمة التحرير الفلسطينية 1994م مقابل الإعتراف المتبادل ودون تحرير شبر واحد من أرض فلسطين سعت دولة الإحتلال لتعميق وجودها الإستيطاني على هذه الأرض العربية المقدسة.

وتدرجت "إسرائيل" في عملية الإختراق وتخطت عواصم العرب بإستخدام مختلف السبل والطرق والوسائل السياسية والدبلوماسية والإعلامية والتجارية والعسكرية ضمن خطة بارعة وصولاً الى حد الإندماج في المنطقة عن طريق سياسة التطبيع مع بعض الدول المسلمة وهي تطمح لأن تصبح لاعباً أساسياً في المنطقة لفرض هيمنتها على الشرق الأوسط خاصة بعد تغييب الدول الكبيرة في المنطقة خلف أزماتها المستحكمة.

ويرى العديد من المحللين السياسيين بانه قد جرى تغييب دور مصر منذ إبرام اتفاق "كامب ديفيد" إذ لم تبارح مصر منذ ذلك الحين حالة الفقر والأزمات، والحال نفسه ينطبق على العراق الذي جرى إزاحته عن المشهد بالتدمير والتقسيم الذي ما زال مستمراً حتى اليوم، الحال نفسه ينطبق على سوريا التي يتم تفتيتها بحيث أصبحت مقسمة بين الدول الإستعمارية لتتربع دولة الصهاينة العبريين "إسرائيل" على عرش المنطقة وتسيطر على المشهد الدراماتيكي باستخدام عصا يضرب كل من يعارضها دون ان يتدخل احد لردعها عن الغي الذي تمارسه بحق الفلسطينيين العزل.

وبحسب مراقبين تسعى الدولة اليهودية العبرية "إسرائيل" لمد جسور من العلاقات الإستراتيجية والثنائية مع العرب والمسلمين من خلال التطبيع، وتعمل على إستخدام البعض لبناء مصالحها والحيلولة دون نهضة شعوب الأمة العربية من جديد،

واشاروا الى ان من بين الدول العربية التي تأثرت بفعل ذلك "الأردن" التي تغرق في الفقر والمديونية، مؤكدين بان هذا البلد العربي لم تخرجه التكنولوجيا والوعود الصهيونية من جب الفقر والعوز والحاجة.

كما دللت احاديث بعض المحللين عن مساؤى ربط العلاقات بدولة الكيان الصهيوني الغاصب بذكر دولة "جنوب السودان"، لأفتين الى ان هذه الدولة لم تقم لها قائمة بسبب هذه العلاقة كما انها لاتزال غارقه في صراعات داخلية ونزاعات أهلية وتعيش منذ استقلالها على فتات مساعدات الآخرين.

وتطرق المحللين لأوضاع دولة "أرتيريا" الأفريقية التي طبعت مع العدو الصهيوني، منوهين بانها تعيش أزمات متفاقمة داخلياً وخارجيا مع الإدارة الأميركية، ولم تفلح "إسرائيل" ذات اليد الطويلة والحلول السحرية في اخراجها من دائرة الأزمات.

السلطة الفلسطينية التي أختارت السلام والتطبيع بل والدخول في جحر وعار التنسيق الأمني الذي جعلته مقدساً، أعادت بتصرفاتها الرعناء إحياء أطماع "إسرائيل" لإحتلال الضفة وابتلاعها وضمها اليها بعدما انهت بنجاح مشروعها المتمثل بإلتهام وتهويد "القدس" واعتبارها عاصمة لها ونقل سفارة الولايات المتحدة اليها.

وعرج المحللين الى أوضاع غزة المحاصرة منذ 15 سنة، مؤكدين غياب أي أفق مستقبلي لهذه السلطة التي استخدمتها "إسرائيل" كجسر عبور لتثبيت صورتها في منطقة الشرق الأوسط ولإختراق العالم العربي والإسلامي وإرساء وجودها كلاعب مركزي في هذه المنطقة.

واعتبر الفلسطينيون كل عملية تطبيع مع العدو الإسرائيلي هو بمثابة طعنة في ظهر شعب فلسطين الذي يتألم أمام هذا الظلم والعار، مؤكدين التمسك بخيار الصمود والثبات على الموقف والمبدأ حتى تحقيق الإنتصار وتستعاد الأرض المحتله من قبل الصهاينة.

ويؤكد مراقبون بان هذه المرحلة تفرض على الفلسطينيين اكثر من أي وقت مضى بناء استراتيجية وخطة شاملة بحسب ما طالب به "إسماعيل هنية" رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خلال مشاركته في ندوة سياسية نظمتها مؤسسة القدس الدولية في الذكرى الـ51 لإحراق المسجد الأقصى.

وتقوم هذه الإستراتيجية في بعدها الأول على قاعدة استعادة الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني والإتفاق على مرجعية قيادية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها على أسس ومرتكزات تضمن مشاركة الجميع، مع وجوب الإتفاق على استراتيجية نضالية طويلة النفس وبعيدة المدى بكل ما تحمل كلمة النضال والكفاح من وسائل وأساليب ومعنى من أجل تحقيق تطلعات وطموحات شعب فلسطين وأهدافه التحررية، فيما يتمثل البعد الآخر في المقاومة الشاملة (الشعبية والقانونية والإنسانية والسياسية والحقوقية) وفي مقدمتها المقاومة العسكرية لأن العدو قائم على منطق القوة والتدمير والإرهاب فلا بد للشعب الفلسطيني من مراكمة القوة واعتماد المقاومة خياراً استراتيجيا لارجعة عنه لطرد المحتلين، والبعد الثالث هو المطالبة ن بترتيب العلاقة الفلسطينية بالمحيط العربي والإسلامي وتكوين أرضية صلبة من العلاقات الودية مع دول المنطقة من أجل دعم وتعزيز موقف وصمود الشعب الفلسطيني واهالي القدس بالتحديد، فقضية القدس وفلسطين قضية ذات بعد عربي وإسلامي وإنساني عظيم.