فاروق يوسف يكتب:
المطلوب أن لا يتخلى الفلسطينيون عن قضيتهم
لا تقف الدول العربية على الحياد في ما يتعلق بالصراع الذي كانت إسرائيل ولا تزال تمثل طرفا فيه فيما يمثل الطرف العربي بقيادة الفلسطينيين الطرف الثاني.
تلك معادلة ينبغي أن لا تكون جامدة وثابتة عبر الزمن.
فالعداء هو الآخر له مستوياته وسطوحه وطبقاته، ومن الغباء الاستمرار في خصومة، يمكن أن يتمكن المتضررون منها من تفكيك أسبابها وإنهائها والقضاء على تأثيراتها الغبية على الدول والمجتمعات والأفراد.
فإذا افترضنا أن إسرائيل متضررة من مقاطعة العرب لها فمَن قال إن العرب مرتاحون لأوضاعهم في ظل عداء إسرائيلي محكم؟
لنركن الشعارات والهتافات والأغاني والعواطف الرخيصة جانبا ونذهب مباشرة إلى الحقيقة التي يمكن أن لا يراها الكثيرون وهم يرددون جملا شاعرية لا وزن لها على مستوى الواقع.
ليس من الحكمة أن نجرد حياتنا من شروط الانتماء إلى العصر فنستعمل حواسنا بطريقة صحيحة ويكون العقل وسيلتنا للكشف عن معنى ما نفعل.
"فلسطين في القلب" ذلك صحيح. لكنك تضحك على الفلسطيني حين تقول له تلك الجملة في خضم دفاعك القانوني عن قضيته العادلة.
علينا أن نكون منصفين مع أنفسنا ومع الآخر الذي سيكون هذه المرة فلسطينيا.
حين أعاد أنور السادات سيناء إلى السيادة المصرية لم ينه علاقة الدولة المصرية والشعب المصري بالقضية الفلسطينية.
والأردن الذي يقيم فيه أكثر من مليون فلسطيني لم تؤد اتفاقيته مع إسرائيل إلى أن يتحول إلى دولة قامعة للفلسطينيين الذي يعتزون بمواطنتهم المضافة.
ثم هناك سلطة فلسطينية في رام الله. ما معنى تلك السلطة؟
إذا كانت تلك السلطة لا تمثل الشعب الفلسطيني فمَن يمثله إذاً؟
السلطة هي صنيعة منظمة التحرير الفلسطينية ووارثتها. فهل يحق لأحد سوى الشعب الفلسطيني بعد أكثر من ربع قرن على تأسيس تلك السلطة أن يبحث عن بديل لها لكي يكون ممثلا شرعيا؟
لماذا لا يفعلها الشعب الفلسطيني ويحررنا من وهم تلك السلطة؟
اما أن يكون البديل على طريقة حركة حماس التي تمزج المأساة بالهزل، الوطنية بالخيانة، التسول بالابتزاز فإن ذلك لا يمكن القبول به.
إسرائيل هي المستفيدة من وجود حماس التي تتاجر بمأساة غزة.
حماس هي التي تهب إسرائيل حججا لعدم التعامل مع الفلسطينيين بطريقة جادة في مفاوضات السلام. فلا دولة فلسطينية ما دامت حماس موجودة.
أتمنى لو أن الفلسطينيين توجهوا بالسؤال إلى قادة حركة حماس "ما الذي يقف بينكم وبين تحرير فلسطين من النهر إلى البحر وننتهي بذلك من وجع الرأس وتزول إسرائيل كما يزعم خامنئي ولا يعتب أحد على أحد؟"
اما أن تقوم حماس بإزعاج إسرائيل بصواريخها الخردة وتبدأ بعد ذلك بابتزاز الدول العربية في ظل إيحاء بأنها ستتجه إلى إيران فإن ذلك لا يمكن القبول به وكان أولى بالشعب الفلسطيني أن يرفضه حفاظا على كرامته. فقادة حماس يتسولون باسم غزة لتتضخم ثرواتهم في المصارف الأجنبية ليس إلا.
وكما هو معروف فإن الكذب حتى في السياسة له نهاية. هناك حقائق على الأرض تدعو العرب إلى النظر بطريقة مختلفة إلى الصراع الذي تغيرت شروطه وآليات التفاعل معه. فمن الجنون الحديث باللغة السياسية القديمة فيما تغيرت المعادلات كلها. الفلسطينيون تغيروا. عليهم أن ينظروا إلى أنفسهم.
هناك رهط من المثقفين العرب لا يزال يراهن على اللغة التي يمكن وصفها مجازا بالثورية وهي لم تعد كذلك. هؤلاء يعملون على تضليل عامة الناس بحيث يقفون بينهم وبين رؤية الأشياء كما هي عليه في الواقع.
لا أحد يريد أن يدافع عن إسرائيل فهي لا تحتاج إلى مَن يدافع عنها ولا أحد يضع صداقة إسرائيل فوق الحق الفلسطيني. انما هناك شيء من الانصاف ينبغي أن يسود في العلاقة بين الجميع. وهو ما يجب أن يأخذ به الفلسطينيون لكي يكونوا ايجابيين في البحث عن حلول لقضيتهم.