صالح علي باراس يكتب لـ(اليوم الثامن):

اليمن.. 26سبتمبر... الثورة الفاضية

"‏اذا لم يكن الناس على وعي وثقافة قبل الثورة ، فلا يلوموا احدا حينما تُسرق ثورتهم"
المفكر الايراني / علي شريعتي

كان ممكنا ان تكون 26 سبتمبر ثورة وعلامة فارقة في تاريخ اليمن وان يتحول انقلابها الى ثورة لكن قادة الانقلاب لم يمتلكوا ثقافة الثورة حتى يحولوا انقلابهم الى ثورة ولم تكن ثقافة الثوار والبيئة الحاضنة لها تسمح لهم الا بطرد الامام ويتسلّم السلطة عسكري الامام!! فلم تحدث تغييرا عميقا في المجتمع يرتقي الى مسمى ثورة الا في الاناشيد وهي بديل "القطرنه الامامية" اما تاثير الثورة وتغييرها في ثقافة الحكم وخلق المواطنة وهما مقاس نجاح او فشل الثورة فلم يتحقق ، كل ما احدثته انها نقلت السلطة من المذهبية الزيدية الى عصبويتها الزيدية .. أي من الامام الزيدي الى القبيلى الزيدي المعروف انه العسكري التاريخي للامام
العسكري حفظ الجميل فأعاد للمذهبي عهدته في 21 سبتمبر فعلى مستوى الحكم لم يتسع التغيير ليس لشراكة تعز وتهامة او شوافع البيضاء ومارب ..الخ فذاك من المحال ان تقبل الهضبة بمذهبيتها وعصبويتها "رعوي" من تعز او اب ليحكمها اما القبائل الشافعية الاخرى التي كانوا يخشونها فقد شغلوها بالثار ؛بل؛ لم تتسع لقبول ذمار وهي تاريخيا ثاني كرسي مذهبي وعصبوي زيدي كل ما اعطوها من امتيازات انها صارت عسكري دولة العصبوية هذه العقلية العصبوية لم تفصّل عصبويتها على مقاس المؤسسات والاحزاب بل فصّلت المؤسسات والاحزاب على مقاس عصبويتها ، فلم تتسع لا لثورة ولا لجمهورية ولا لاحزاب ولم تتسع للوحدة ايضا الا على مقاسها فزمجرت بلسان شيخها عبدالله الاحمر بانه لايمكن يحكمها جنوبي!! وبقية قصة احتلال الجنوب معلومة ..
وهي ذاتها التي انقلبت على رئيسها التوافقي الجنوبي الذي اختارته ولم يختاره الجنوب لتفصل مخرجات الحوار على مقاسها كما فصلت الوحدة والاحزاب والمؤسسات على مقاسها

‏لو أن 26 سبتمبر ثورة حققت من اهدافها بناء جيش وطني واحزاب وطنية او احداهما كما يزعمون
ماكان ل21 سبتمبر الكهنوتية ان تنتصر وتقلب طاولة الثورة السبتمبرية - كما يدعونها -في بضع ساعات من يوم وتعود الامامة وتتبخر الجمهورية واحزابها وجيشها ولم يبق منها إلا اناشيد ايوب طارش "رددي ايتها الدنيا نشيدي
ان ‏نجاح الثورات لا يقاس بالاشعار والاناشيد بل بما احدثته من تغيرات اجتماعية وسياسية وعسكرية وحزبية وخلق ثقافة حكم تسع المجتمع ليدافع عنها وتتمثل فيها قضايا مجتمعها وازماته وتبتكر له الحلول وخلق دولة المواطنة التي لم تخلقها طيلة اكثر من خمسة عقود ، ولانهم يعلمون انها ثورة فاضية من اي تغيير مجتمعي يحشدون اشعار الزبيري والبردوني واناشيد ايوب طارش للتعويض لذا لا غرابة ان انتصر الحوثي لانه مشروع ممتليء مهما كان نوع الامتلاء موغلا وممتلئا بخرافات التاريخ ومهما كان الخلاف معه والعداء له ، اما 26 سبتمبر سواء سميناها انقلابا او سميناها ثورة فظهر انها بعد اكثر من خمسة عقود مجرد مشروع فاضي لا يحوي الا عسكري الامام احدهم يقاتل معه والاخر يقتله اذا عصاه

ما احتفلت مدينة بالثورة الفاضية الا سلطة الاخوان في شبوة واحتفالاتهم تشبه زيارة معاودة فخيذة آل هيفا " لسلطان ميت "!!!
ففي احدى قرى العوالق سكنت فخيذة "ال هيفا" من ال عبدالله بن دحه في قرية شبه معزولة يمر طريق اعلاها وآخر اسفلها .فمات سلطان العوالق في نصاب ووصلت اخبار وفاته كل قبائل العوالق الا "آل هيفا" .
ذهبت القبائل وشيعته ثم كان "عُرف الثالث " يقام بعد اكثر من شهر وتحضره قبائل العوالق وغيرها لتأبين الميت وتقام فيه المحفات والمساجلات والمنافرات الشعرية وتنصيب السلطان البديل وتمت كل العمليات بسلاسة
وبعد سنة اجتمع كبار "ال هيفا" وقرروا زيارة السلطان!!! وفي الطريق وجدوا من سالهم : الى اين يآل هيفا ؟ قالوا : نريد "معاودة السلطان فلان" فقال : السلطان من !!؟ قالوا : السلطان فلان فقال: ياهل هيفا السلطان فلان مات قبل سنة اين انتم ؟ قالوا : بالزور الحي
 الثورة الحية في صنعاء الان هي 21 سبتمبر

26سبتمبر 2020م