نبيل الصوفي يكتب:
الثورة.. روح حيَّة لا تقبل التمديد والإعادة
لن يقبل أحد التفسير السُلطوي لسبتمبر، ولا عاد يمكن فرض المقولات والشخصيات على الناس.
الثورات تنتهي قدرتها على التحشيد الشعبي بمجرد أن يصبح لها دولة.
وحين تنهار دول الثورات، فإنها تحتاج ثورة جديدة لإنقاذها.
تعطيك الناس السلطة، لتقوم بمهامها، يصبح النضال مهمة السلطة المخولة لك، نضال سلطة وبرنامج عمل دولة..
لا تنتهي الثورة، بل تعود للناس لتراقب التزامك.. وفي نفس الوقت تمنحك الفرصة.
ومن مصلحتك كسلطة أن تنتهي حالة الثورة، وحتى من مصلحة الناس ذلك.
فإن قمت بواجبك، أصبحت الثورة فعلاً مستحيلاً، هي بذاتها تتحلل وتمنح الدولة المشروعية الكاملة، أما إن عبثت دولتك بثورة الناس، حتى إن كنت أنت قائدهما معاً، فإن ثورة جديدة ستقوم هذه المرة ضدك أنت.
لا شيء اسمه الثورة الدائمة، ولا الثورة مستمرة، ولا تقبل أي ثورة أن تتكرر مفاعيلها مرتين.
الثورة روح حيّة، لا تقبل التمديد والإعادة.
سأذكر لكم مثالاً..
لقد منح الجيش والشعب في مصر السلطة للإخوان في 2011، وانتهت حالة الثورة.
ولكن حين تخلى الإخوان عن الثورة التي كانوا هم جزءاً منها تركتهم هم وسلطتهم، ولم يستطيعوا استخدامها ضد الناس..
ولكنها هي، أيضاً، لم تعُد لتنصر شركاء الساحات ضد الإخوان، لقد انسحبت وذهبت بعيداً..
للمصريين ثورتان، يوليو عبدالناصر وميدان 2011، لكنهما معاً ليستا من هزم الإخوان..
ولا يقلل هذا من عظمتيهما معاً..
بل ثورة جديدة بدأت هذه المرة بالجيش ثم الشعب، وانتهى الإخوان إلى السجون.
في اليمن، جنوباً لم يتكئ النضال الجنوبي على ثورة 14 أكتوبر، رغم عظمتها.. بل ثار الجنوب مقاتلاً الحوثي بخطاب جديد وتنظيم جديد..
وعلى الشمال، إذاً، إدراك ذلك كله.. والبدء بتنظيم وعي وخطاب وأداء جديد..
26 سبتمبر ثورة عظيمة، والثورات العظيمة لا تقبل أن تستخدم من جديد، خاصة من قِبل من فشلت دولتهم التي أقامتها هي لهم في 1962م..
أنجزوا ثورتكم الجديدة انتصاراً لسبتمبر..
وأول المهام هو الاستمرار في تمجيد سبتمبر دون تعذيبها باستخدامها كسلطة إنتاج المسَلمات الماضية.. هي ثورة الجميع ولكل تفسيره وتعريفه ورموزه وسخصياته.
أما ثاني المهام، فأنتجوا ثورتكم الجديدة، خطاباً وأشخاصاً وقضايا وطريقة عمل.