سوسن الشاعر تكتب:
دلالات حديث بندر بن سلطان
دشن بندر بن سلطان بلقائه الذي أجراه على قناة العربية سياسة إعلامية جديدة للمملكة العربية السعودية بتأسيس خط دفاعي لها جديد وعصري وغير تقليدي مختلف عن سياستها الإعلامية التقليدية التي عهدناها زمناً طويلاً، وذلك بفتح منصة إعلامية لكل متحدث جيد يملك الحجة والمنطق والأدلة والبراهين والمعلومات للدفاع عنها بخطاب متحرر من الرسميات والبروتوكولات المقيدة بالصيغ البيانية الرسمية.
وهكذا كان لقاء الأمير بندر بن سلطان أول البارحة وكذلك كان لقاء الأمير عبدالرحمن بن مساعد على وسائل التواصل الاجتماعي قبله، والاثنان لا يتوليان مناصب رسمية في الوقت الحالي، ولكنهما قوة ضاربة للمملكة تستطيع أن تستفيد منهما لخدمة مصالح الدولة، وهذا ذكاء سياسي ومجاراة للمستجدات في عصرنا.
فهؤلاء، وهناك غيرهم بالتأكيد، فالمملكة العربية السعودية ولادة، يعدون قوة ضاربة وأسلحة قوية في خطوط الدفاع والهجوم لأي دولة، ومن الظلم للدولة ألا تستفيد منهما كما تستفيد من أي مورد طبيعي لها.
الذاكرة السعودية الرسمية الصبورة لديها مخزون ثري وحافل، ولديها شهود عصر في شتى المجالات حضروا، وعايشوا أدوار السعودية المشرفة على مدى عقود مع الأمة العربية والإسلامية، لكنهم التزموا الصمت طوال العقود الماضية أسوة بملوكهم وأمرائهم وبسياسة إعلامية متحفظة تعاملت مع خدماتها ومساعداتها من منطلقات "لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذى"، وهم متحدثون جيدون وجميعهم يعدون مخازن ذخيرة إن أحسن توظيف ما يملكون من معلومات ومن قوة للحجة والمنطق ضمن إستراتيجية مدروسة تتعاطى مع ما هو شائع من فهم خاطئ لسياسة الصمت التي طالت، وتتعاطى مع حقيقة جهل الأجيال القديمة والحالية بتاريخ دولتهم وبعطائها، ولم يجدوا غير النكران والشتم والسب تسم رموزهم بالخيانة وهم لا يعرفون الحقيقة.
بندر بن سلطان بحديثه للعربية دشن سياسة للمملكة تتناسب مع تلك التحديات السياسية الجديدة للتعامل مع القيادة الفلسطينية من الآن فصاعداً، وهي الإعلان عما قدمته المملكة لهم بشكل خاص، وللقضية الفلسطينية بشكل عام، ليس الآن فقط بل على مدى تاريخ القضية أكثر من سبعين عاماً من خلال خطاب متحرر من القيود الرسمية، لكنه ضمن خط المملكة ونهجها الجديد المتفق عليه.
ودشن خطاباً جديداً للتعامل مع الدول الهامشية المزعجة، ودشن خطاباً جديداً للتعامل مع أكثر من ملف، أكتب هذا المقال صباح الثلاثاء ولم أشاهد بعد الجزء الثاني من اللقاء.
فلتكن لديك منصات وخيارات من خلالها تقول ما لا تستطيع أن تقوله في الخطاب الرسمي ولا بد من أن يقال.
هذه السياسة الإعلامية تتبعها جميع الدول بأن تمنح منصات إعلامية سواء على الإعلام التقليدي أو التكنولوجي لمفوهين وطنيين تزودهم بالمعلومات تمنحهم الحصريات تعطيهم الفرصة لتوجيه رسائل خدمة للمصلحة الوطنية سياسة تتخطى تحديات القيود الرسمية الإعلامية.
كم كسبت المملكة العربية السعودية من اللقاء الإعلامي لبندر بن سلطان؟ وكم هدفاً حققته؟ وما هو مدى اتساع وانتشار الرسائل التي أرادت إيصالها بهذه السياسة الجديدة؟
مدرسة إعلامية جديدة علينا وعلى السعودية تحديداً، لكنها معتمدة في أعتى الدول الديمقراطية.