أحمد بوصالح يكتب:
عن نقطة دوفس وسر نجاحها وانجازاتها
لم يمر أسبوع واحد دون أن يزف أفراد نقطة دوفس الأمنية بمحافظة أبين الينا خبر جميل يشرح القلب ويثلج الصدر ويبعث الأمل بوجود (رجال) شرفاء يحبون بلدهم ويغيرون عليه ويحمونه.
منذ فترة طويلة وإنجازات أفراد نقطة دوفس تتوالى ومع كل إنجاز أمني مميز تتسع رقعة الفخر والاعتزاز بقيادتها وأفرادها في قلب كل مواطن جنوبي يأمل في رؤية وطنه خال من السلاح والمخدرات وويلاتها. مرات عديدة تميز فيها شباب الجنوب وعيونه الساهرة المرابطون في تلك النقطة الواقعة في الطرف الغربي لمدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين وبرعوا في هزيمة المهربين الإشرار وكشف طرقهم الجهنمية في إخفاء الأسلحة والممنوعات وبالتالي ضبطها والقبض عليهم متلبسين بتهمة الشروع في قتل أبنائنا الابرياء.
ملف نقطة دوفس مثقل بالإنجازات ومشبع بالتميز والتفرد في تحقيق النجاح ليس في عدد المرات التي اكتشفوا وضبطوا خلالها ممنوعات كالمخدرات بمختلف أنواعها والأسلحة والذخائر والمجرمين والارهابيين بل في العمليات النوعية وكميات المضبوطات وطرق إكتشافها.
كل تلك الإنجازات الأمنية منحت قيادة وأفراد النقطة درجة الإمتياز وجعلت منهم نموذج رائع لرجال الأمن الذين يتمنى كل جنوبي وجودهم في كل مرافق ومنافذ مناطق ومحافظات الجنوب ، ومنحتهم حب وإعجاب كل مواطن جنوبي مثلوا بالنسبة له مصدر فخر وإعتزاز.
وبالقدر نفسه جعلت منهم محل تساؤلات من قبيل ماذا يميز أفراد نقطة دوفس عن أقرانهم في بقية نقاط التفتيش الأخرى وما أكثرها ، وماهي إمكانياتهم وماهي نوعية أجهزة الفحص التي يستخدمونها؟ ولماذا ينجح (الدوفسيون) في إكتشاف تلك البلاوي بينما يفشل الآخرون في اكتشافها؟.
للسائلون أجيب بدلاً عن العقيد محمود الكلدي قائد النقطة وأفرادها بقولي: أفراد نقطة دوفس لايختلفون في شي عن أفراد بقية نقاط التفتيش المنتشرة على طول أرض الجنوب ولايمتلكون أكثر مما يمتلكه زملائهم ، فهم شباب جنوبيون يفّع من أسر فقيرة ولم يتسلمون رواتبهم الشهرية الضئيلة بانتظام مثل إخوانهم في النقاط الأخرى تماماً، ويتناولون الروتي والفول والشاي الأحمر في علبة الفاصوليا ،ويتناولون وجبة غداء مكونة من الأرز ابو حبة كبير (لونق) وربع دجاجة لكل خمسة جنود مثلهم بالضبط .
شباب لم يستخدمون في عملهم أي أجهزة أو تقنيات حديثة أو يعتمدون على شبكة استخبارية كبيرة تزودهم بالمعلومات مسبقاً. لم يمتلكون شي مميز عن غيرهم ولم تكن نقطتهم مزودة بشبكة إنترنت فائقة السرعة أو أجهزة تنصت ورصد معلومات أو كاميرات مراقبة حديثة الصنع ترصد كل شاردة وواردة، فنقطتهم (دوفس) ليس إلا هنجر حديدي خازن للحرارة يعكسها على رؤوسهم في فترة الظهيرة عندما تستقر شمس الصيف الحارقة في كبد السماء.
لم تكن نقطة دوفس وقيادتها وأفرادها الأبطال متميزون بشي ،بل إمكانيات نقطتهم ربما تكون أقل بدرجات كثر عمّا تمتلكه نقاط أخرى.
ولكن الشي الوحيد الذي يمتلكه ابطال دوفس دون غيرهم يكمن في إخلاصهم وتفانيهم وحبهم لوطنهم وغيرتهم عليه، وفي نزاهتهم وصبرهم وجلدهم وطول بالهم ، فهم يقضون ساعات نوباتهم تحت لهب الشمس في تفتيش السيارات والمركبات تفتيشاً دقيقاً دون شكوى أو تأفف ، يمتلكون حواس تعمل بكفاءة عالية وحس أمني ويمتلكون أيضا قدرات في قراءة ملامح وسلوك المارّون بنقطتهم،والأهم من ذلك كله أنهم يكتنزون في دواخلهم ذرات كبيرة من الوطنية والحب والولاء للوطن. هذه بإختصار ميزتهم وامكانياتهم وأيضا هذه إنجازاتهم.
فهل عرفتم يا معشر قراء مقالتي المتواضعة هذه وبالتحديد ممن ينتمي منكم لجهاز الأمن ،القائد والجندي الذي يرابط في نقاط التفتيش المتمركزة في الطرقات العامة ومن يرابط في منافذ البلاد المختلفة البرية والبحرية والجوية ومن يحرس المرافق والمؤسسات الحكومية الهامة هذه بإختصار أسباب تميز قيادة وأفراد نقطة دوفس، هولا هم وهذه إمكانياتهم وهذه إنجازاتهم فكونوا مثلهم.
خلاصة القول إن تجربة نجاح النقطة الأمنية (دوفس) يجب أن تتم دراستها بتأنِ وتحليلها وبالتالي تعميمها على بقية الوحدات الأمنية الجنوبية للاستفادة منها كما يجب أن تعتمد كمادة دراسية أساسية في منهاج كلية الشرطة والمعاهد والمراكز التعليمية التابعة لوزارة الداخلية.