مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):
المدينة التي نسيت كيف تتنفس
لتغيير وضع مدينتك نحو الافضل يكفي أن تحبها وتحترم قوانينها وبيئتها وبنيتها الاجتماعية والاقتصادية السياسية ، يكفي ان تحترم نظافتها و مهرجاناتها الثقافية او تأخذ ملابس العمل وتفعل شيئًا بنفسك لا جلها .
عدن التي تحبك دون ان تسألك من انت ومن اين اتيت ، عدن الأكثر لطفًا وإشراقًا ودافئًا ، عدن التي تميل إلى الإبداع و تقع في قلب كل واحد منا ، عدن التي تولد فيها القصص الغير عادية و سهولة الضحك وسحر النكات والاخلاص بألوان ودرجات مختلفة ، تعاني اليوم من التوتر الاجتماعي والسياسي ، مدمرة البنى التحتية ومحاطة بالبناء العشوائي وتعيش على المساعدات .
قبل الاستقلال كانت عدن المستعمرة تشكل قواعد اللعبة الاقتصادية العالمية وحلم للكثير ، فيها نظام وقانون و ميناء ومطار عالميين وشركات و حركة تجارية وسياح وترانزيت للمسافرين والبضائع واسواق وشوارع نظيفة واذاعة وتلفزيون وفن وعلوم وثقافة وحركة لا تتوقف ولا يختفي عنها الضوء .
بعد الاستقلال عجزت الحكومات المتعاقبة عن ادارة الملف الاقتصادي ، الذي استلمته جاهز وعن استخدام الثروة العامة بشكل أفضل لتحقيق الأهداف الاقتصادية للمجتمع وظهرت غير قادرة على إظهار لمواطنيها ما يملكون وما عليهم مدينون به ، ثم اتى حيتان الوحدة واكلوا الاخضر واليابس واليوم يقاتلون ليأتوا على ما تبقى .
عدن اليوم تحاول ان تتنفس بعد ان غرقت في العجز والتخلف والفساد ، كيف لا ؟ ومطار عدن اليوم اصبح سكن للطيور وليس للطائرات والميناء حاضر بالاسم وكأنه يقع فوق مثلث برمودا ، عدن لا يوجد فيها تعليم حقيقي ، لا مسارح و لا دور سينما ، لا رياضة ، لا مناظر طبيعية ولا حدائق ولا أشجار ، لا رياض أطفال، لا مواقف سيارات ، لا طرق سليمة، ولا حياة اجتماعية وثقافية كافية ، عدن تعاني تدمير المعالم التاريخية ومن ازمة طاحنة في الكهرباء والماء يأكلها الفساد والاهمال وقلة النظافة و الامراض والاوبئة مخنوقة من طفح المجاري وزحمة النازحين واللاجئين واللصوص والمخدرات .
على المسئولين الحاليين عن عدن الحديث مع الجهات الفاعلة على ضرورة وقف الفوضى والعشوائية المتعمدة وحل المشاكل الاجتماعية المرتبطة بالفقر والتوظيف وخلق بيئة معيشية مريحة في المناطق الريفية ، لفك الضغط عن عدن وعدم الاكتظاظ فيها وسد "الثغرات" في ميزانية المدينة .
"ماذا فعلت انا لتغيير شيء ما نحو الافضل ؟" .