عماد الاطير يكتب لـ(اليوم الثامن):

كوفيد19

لقد جاء هذا الفيروس لكي يكشف لنا حقائق وأوهام كان الجميع يعتقدها ويفتح عقولنا وتفكيرنا على أمور لم نكن نهتم بها ولم نعطى لها حيز من تفكيرنا وقد كشف لنا وهم القوى والدول المتقدمة والتي تمتلك الأسلحة النووية والفتاكة ورأينا كيف أن تلك الدول كانت أكثر الدول رعباً ومعاناة مع هذا الفيروس.

 فذلك الفيروس الذي لا يتم رؤيته بالعين المجردة قد دمر أكبر الدول التي تقتنى أكثر الأسلحة تقدماً وتمتلك الخبراء في كافة المجالات، فهذا الفيروس الصغير قد علمنا أن القوة ليست في السلاح وفى المال وفى الدبابات وتحريك الصواريخ عن بٌعد.

ولكن القوة الحقيقية في العلم والتعلم ومهما بلغ الإنسان من العلم فهو يحتاج أن يتعلم أكثر وأن هناك خالق الكون قادر على كل شيئاً فمن خلال فيروس صغير أوقف الحياة ومنع التجوال والسفر والرحلات وتم شل حركة البلاد فلم تنفع الدبابات ولا الصواريخ معه.

 إن ظاهرة انتشار الفيروسات أصبحت واقع عملي نعيشه وإذا كان اليوم ظهر علينا ما يسمى بفيروس كوفيد تسعة عشر فلا نعلم غداً ماذا سيظهر علينا من فيروسات أخري تُهدد حياتنا.

فعلى الرغم من العيوب الكثيرة الذي جاء بها هذا الفيروس القاتل وحصد أرواح الكثير ولكن قد تعلمنا منه أشياء كثيرة فقد علمنا أشياء لم نكن نتعلمها بسهولة سواء من خلال الانترنت أو من خلال المختصين بمجال الصحة الجسدية أو النفسية.

 ومن ضمن تلك الأشياء التي علمنا أياها فيروس كوفيد تسعة عشر وهي الاهتمام الكامل بالنظافة والمعقمات وأن يكون لها الجزء الأكبر من مُشترياتنا اليومية على عكس الماضي حيثُ كٌنا نهتم بالشيبسى والبيبسي ولا نهتم بشراء تلك الأشياء.

تعلمنا أن الانسان ضعيف فلا داعي أن يمشى مٌختالا فخوراً بنفسه مهما أمتلك من المال كما نراه حالياً يحدث من بعض المُمثلين الذين يتباهون بسيارتهم الفارهة وقصورهم وملايين الأموال التي في حوزتهم ويقولون بكل جبروت وتفاخر أنهم نمبر ون ولا يوجد منافس في الساحة.

لقد رسخ فينا مبدأ التقارب والود والحب وإزالة المسافات بين أفراد العائلة من خلال الجلوس معاً أطول وقت ممكن وان تهتم بأسرتك وحياتك، فأن العمر قصير وليس هناك مجال لضياع الوقت في أعمال لا تٌغني ولا تٌسمن من جوع فأغتنم وقتك في التعلم وفى التقرب من أبنائك وفى عبادة رب الكون.

لقد تعلمنا من خلال هذا الفيروس الصغير أن العمر لحظة ومن الممكن أن يذهب فجأة بدون سابق أنذار فعلينا أن نعمل ليوم الحساب فنحن لا ندري أو نعلم متى الميعاد، وألا تشغلنا الدنيا بمشاكلها وهمومها وأحزانها وأن نتقرب الى الله في جميع الأوقات وليس في وقت الشدة والمرض فقط.

لقد كان هذا الفيروس سبب في أن نعلم أن الكثير من الأعمال الروتينية التي كنا نكرها فهي نعمة وفضل من رب العالمين عليها فالاستيقاظ المبكر للذهاب الى العمل أو السوق أو المدرسة أو غيرها م الأعمال الأخرى فعلى الرغم من نراها مرهقة ولكن عندما جلسنا في بيوتنا وعدم قدرتنا على الخروج والعمل وجدنا إنها كانت نعمة ولكن لم نشعر بها إلا عندما تم الحرمان منها.

 

لقد لغي هذا الفيروس مبدأ راسخ في أذهاننا وهو لابد أن يكون العمل والتعليم من خلال المواجهات المباشرة بين المتعلم والمعلم أو بين صاحب العمل والموظف، وتعلمنا منه إنه يمكننا تعلم أشياء كثيرة من خلال التعليم عن بعد أو التعليم الذاتي ونكتسب الخبرات اللازمة لذلك.

ومن أكبر الدروس التي تعلمناها من هذا الفيروس هو أن يكون الشخص قريب من الله وأن يستثمر وقته وماله في العلم وفى الصحة وفى الخير دائماً لإن ليس هناك وقت محدد للنهاية، وأن نتكيف مع الظروف ونتعايش معها ونتطور حسب الظروف المتاحة فهناك شركات استفادت من أزمة الكرونا ومنها شركة زوم التي حققت المليارات من خلال تطوير مكالمات واتصالات عن بٌعد.

 وهناك شركات أخرى فشلت ووقعت في تلك الأزمات لا نها وقفت جامدة في مكانها بدون تطوير أنفسها وهو درس رائع لكل شخص أن يبحث دائماً عن التطوير وألا يعتقد أنه وصل الى مرحلة التفوق والنهاية في التعلم

ومازالت الدروس والخبرات مستمرة ونتعلم منها يومياً من هذا الفيروس وكلنا ثقة إنه سيتم القضاء عليه قريباً ولكن أعطانا دروس وعبر غيرت مجرى حياتنا وتفكيرنا.