عماد الاطير يكتب لـ(اليوم الثامن):

جمهورية بيبي

يعتبر الحاكم "بيبي الثانى" من أطول الملوك حكما فى مصر القديمة ، حيثُ تولى حكم مصر في السادسة من عمره وأستمر يحكم مصر الفرعونية لمدة أكثر من تسعون عاماً ، وقد شهدت تلك الفترة شتى أنواع الانحطاط والفشل والانهيار في كافة المجالات ، وأرتبط عصره بالفوضى الأقتصادية والسياسية والأجتماعية والتى أنعكست بصورة كبيرة على مستوى معيشة القدماء المصريين أنذاك ، وقلة في المال والتجارة لدرجة أن الموتى لم يكن يستطيعون دفنهم فكان يتم رميهم في النهر ويتغذى عليهم التماسيح في تلك الفترة 

 الملك بيبي الثانى تولى حكم مصر بعد وفاة والده بيبي الأول 

وهو فى سن السادسة من عمره وأرتبط عصره بالفوضى والانحطاط

فى شتى المجالات مما أثرت على حياة الفراعنة أنذاك 

حيثُ أصبح المجتمع يعيش في فوضى وسرقة ويعاني من الجوع ومن ظروف الحياة وحتى ممن كان يملكون المناصب كانوا يعانون أيضاً من تلك الأوضاع وهو الأمر الذي جعل الكهنة وحكام الأقاليم أن يستقلون بمنطقة حكمهم، بموجب فتوى من الكهنة التي تٌريد أن تٌحافظ على أراضيها ، فأصدرت فتاوى تبيح هذا الفعل لحكام تلك الأقاليم ، وأيضاً لضعف قوة الحاكم في هذا الوقت وقد تم استقلالهم عن حكمه وأصبحوا يورثون تلك الأقاليم لأبنائهم مما زاد ضعف وسيطرة الحاكم على مصر مما جعل الجميع يطمع في مصر القديمة في تلك الفترة المظلمة في تاريخ مصر القديم .

إنقسام فئات المجتمع لضعف الحاكم  وإصدار الكهنة تصدر فتاوى

 لحكام الاقاليم تشجعهم على الاستقلالية والحفاظ على الاراضى الخاصة

 بهم وتوريث تلك الاقاليم للأبناء 

ومن مظاهر هذا الضعف قيام قبائل النوبة بالاعتداء على قائد البعثة التجارية للملك حيثُ قامت القبائل بقتله  ولم يستطيع الملك أن يٌرسل الجيش لعقابهم أو محاربتهم ، بل أكتفى بأن يُرسل ابن القتيل لأحضار جثة والده والذي قام بدوره بدفع المال لتلك القبائل حتى يحصل على جثة والده ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل انتشر المرض والجوع والفقر والفساد بين الأهالي .  

نتيجه الفقر والجوع والفساد جعل رجل من الشعب يدعى أبنوما فى 

 شحذ همم المصريين ضد الفساد والفاسدين وقد وقف جموع الشعب معه

 فى مظاهرات أستطاعت ان تطيح بالملك بيبي الثانى والمتعاونين معه

 وبسقوط الحاكم بيبي الثانى سقط حكم الاسرة السادسة بأكمله 

بعد سقوط حكم بيبي الثاني وأمبراطوريته ، سقطت الاسرة السادسة من حكم مصر بعد أن حكمت البلاد أكثر من تسعون عاماً ، وتعتبر ثورة بيبي الثاني من أولى الثورات التي شهدتها مصر والتي استطاعت أن تطيح بالفاسد وحكومته وكهنته من حكم مصر .

سقط الحاكم بيبي الثاني لإنه كان لا يسمع الشعب ومعاناته 

وكان ديكتاتوراً هو وحكومته فى إتخاذ القرارات التى تزيد

من معاناة الشعب وكذلك الوعود الكاذبة وأنتشار الفساد 

والطفيان وزيادة أحتقان الشعب ضده وضد حكومته 

ولكن هذا لا يمنع من وجود حٌكام أخرون حكموا مصر القديمة ، وتم انشاء حضارة عظيمة ، ولكن كحال  جميع البلاد يوجد حاكم ضعيف وحاكم قوى فقد يصلح الحاكم القوى ما أفسده الحاكم الضعيف أو يقوم الحاكم الضعيف بضياع مجهود الحاكم القوى في نشر الفساد وانهيار البلاد وهذا الوضع يتوقف على شخصية الحاكم وشخصية الباطنة التي حوله لأنهم مصدر المعلومات ، فمصر القديمة كانت مصدر قوة الحاكم وخبرته من خلال الكهنة وهم يعتبرون المتحكمون في القرارات حسب مصالحهم ورؤيتهم للموقف .

 ولو نظرنا الى وضع مصر بعد حكم الفراعنة وعلى مر التاريخ فقد عانى الشعب من حكام كثيرون سواء من العائلة المالكة أو بعد قيام الجمهورية وشهدت مصر ثورات عديدة ونضال وكفاح ضد الفساد والفاسدين ورفض الشعب للوضع والانهيار والحال الاقتصادي وتحكم فئة قليلة في ثروات البلاد والأغلبية الباقية تعانى أشد أنواع المعاناة من ظلم وقهر وجوع وعطش وبطش من حاشية الحاكم .

كأن كُتب على المصريين أن يظلوا فى صراع دائم مع الحاكم من أيام الفراعنة

مروراً بالثورات المصرية على الملك واعلان الجمهورية حتى الاطاحة بعصر

مبارك ورجاله ثم الاطاحة بحكم الأخوان وتولي الجيش حكم البلاد

  فالمواطن المصري منذّ العصور القديمة يبحثُ عن أبسط حقوقه ، في أن يعيش حياة كريمة بدون أهانه     أو ظلم ، وأن يجد الأمن والأمان ، وينعم بحياة هادئة وبعيدة عن الفساد وأن يجد مكان للمأوى والسكن   والعلاج ، وأن يجد الفقير قوت يومه ، لأنه للأسف الاوضاع فى مصر تنحاز لفئات معينة في الشعب ولم   تجد الفئة المتوسطة أو الفقيرة الطموح التي كانت تسعى إليه فقد ساءت الأحوال وإزدادت الأعباء .

فلقد أثبت التاريخ المصري أن المصريين قادرين على مواجهة التحديات

فالروح المصرية صامدة تنبض بالعزيمة والاصرار على مواجهة الفاسدين

وستظل مصر قلعة حصينة ضد كل فاسد وظالم وديكتاتور وطامع

فمصر وشعبها ليست مجرد دولة أو بلد فهى حضارة عظيمة متجذرة فى أعماق التاريخ منذّ قديم الزمن وستظل قادرة على مواجهة الصعوبات والتحديات بفضل شعبها وتماسكهم وإتحادهم وقت الصعاب فمصر للمصريين وستظل رمزاً للعدالة والصمود وأمن وأمان لكل مواطن عربي .