عماد الاطير يكتب لـ(اليوم الثامن):
السر في التقدم الغربي والتأخر العربي
هل جلست يوماً تتأمل لماذا تقدم الغرب وقد وصل الى مراحل متقدمة في حين أن العرب يقفون في أماكنهم بدون تحرك وأصبحوا يعتمدون على الغرب وينتظرون من الغرب تقديم يد العون والمساعدة في العديد من المجالات، فنحن العرب نمتلك الإمكانيات المادية وكل العوامل التي تساعدنا لكي نصبح وطن عربي مُتقدم أكثر من الدول الغربية ولكن لم يحدث ذلك.
قد يعتقد البعض أن السر في ذلك نتيجة عدة أسباب ومنها عدم وجود تعليم أوأهتمام بالمتميزين وعدم وقوف الدولة بجانب المبدعين وقلة الأموال في يد تلك الفئة المتميزة وعدم وجود برامج من الدولة لذلك وقد تكون جميع تلك الأسباب وغيرها صحيحة بنسبة كبيرة من حيث الواقع وتسلسلها وأثرها على المواطن العربي ولكن سيظل هناك سبب رئيسي وهو الفيصل بين التقدم والتأخر وسر تفوق الغرب عن العرب.
كذلك هو السبب في تلك الأسباب أيضاً وهو عدم وجود الديمقراطية في مجتمعنا العربي فكل تلك الأسباب ناتجة من عدم تطبيق الديمقراطية، ففي الغرب فهي مطبقة على نطاق واسع، فمن حق أصغر مواطن يقول رأيه في رئيس البلد وينتقد سياسته ويوجد معارضة قوية وهذا نفتقده بكل صراحة في الوطن العربي، حيث لا يوجد ديمقراطية في الوطن العربي في أغلبية الدول حتى لا أٌعمم الأمر.
ولكن لو جلس المواطن العربي بعض الوقت وقرأ المشهد السياسي لبلده الذي يعيش فيها على الأقل، سوف يجد وجود كلمة ديمقراطية قولاً وليس فعلاً، حيث سيجدها فقط في شاشات التلفزيون والاجتماعات والصحف وليس فعلاً على ارض الواقع فلا يوجد مجال في المجتمعات العربية للشخص أن يعترض على سياسة الحاكم وأخطائه وأن ينتقد بعض القرارات الصادرة من الحاكم حتى لو كانت تضر المواطن.
مع وجود حاشية مستفيدة من الحكم ووظائفهم وبالتالي يعملون عل خرس الالسنة وتوصيل معلومات مغلوطة للحاكم بأن الأمور تمشى أحسن ما يرام ويقتلون ويعتقلون ويستبعدون ويسجنون كل صوت تجرأ على أن يقول كلمة أو انتقاد لموقف معين، وهذا ليس وصف مبالغ فيه ولكنه الحقيقة المٌرة التي نعانى منها نحن العرب في مجتمعاتنا العربية.
فمن يقرأ المشهد السياسي في معظم البلاد سوف يرى وجود اعلام موالي للرئيس وعدم وجود معارضة لأي سياسة أو أخطاء في حكمه وأصبح الجميع يهلل ويصفق له ويلمعون سياسته ويعطوا معلومات خاطئة لطبقات الشعب مع جعل الشعب يشعر أن البلد مستهدفة وهناك عملاء وخونه داخل البلد يريدون وقوعها دون توضيح هؤلاء الأشخاص ولكن كلام فضفاض يحمل معاني كثيرة.
لقد أصبح الجميع يُعاني من ظروف الحياة ولا يوجد فرصة لمن لا يملك المال أو السلطة أن يرتقي ويحلم أن يكون له قيمة في البلد الذي يعيش فيه وذلك نظراً لأن التعليم الجيد في بعض البلدان والدورات أصبح للفئة التي تمتلك المال وأصبحت الطرق مفتوحة لمن يملك المال والسلطة.
وأصبح التعليم يحتاج الى أموال لكي يتم الارتقاء والتقدم فالدنيا تغيرت والتكنولوجيا تطورت فهي لم تعد مثل الماضي، فنظراً للتقدم التكنولوجي وانتشار الشركات في هذا المجال والتي تهدف الى الربح تحول الأمر الى تجارة وكسب مادي.
فأنت في هذا الزمن لكي تنجح وتثبت نفسك فأنت تحتاج ان يكون لك ظهر أو واسطة حتى تصل الى المكانة التي تستحقها، فيوجد البعض الذي حقق ذلك ولا ننكر عليه ذلك ولكن أعداد بسيطة ويوجد غيرهم ضاعوا في الإجراءات الروتينية وفى الظروف الاقتصادية وتم تحويلهم من نوابغ في مجال معين إلى أشخاص عادية تقلدت وظائف غير تخصصهم أو اتجهوا لأعمال حرة.
أو أستطاع البعض منهم أن يهرب من بلده ويسافر الى الغرب ويصبح أحد علماء الغرب وينجح هناك وليس في بلده وكلنا نعرف نماذج عديدة من هؤلاء الأشخاص الذين أبدعوا في الغرب ولم تستفاد بلادهم منهم كما لا يخفى على البعض وجود بعض الوظائف في بعض الدول محجوزة لفئة معينة في البلد.
وهذه الوظائف ممنوعة من بعض الفئات وممنوع الاقتراب منها، وقد خرج بعض الشخصيات الهامة في أحد الدول العربية وقال لا يحق لأبن الزبال أن يقتنى وظيفة هامة وأمام الغضب الشعبي تم استبعاده ولكن هذا هو الواقع والمطبق فعلاً.
فنحن إذا أردنا أن نصبح مثل الغرب لابد من وجود حرية الرأي ونحتاج أن نطبق الديمقراطية وألا يكون هناك حواجز وأشخاص بين الشعب وبين الحاكم وأن يكون هناك حوار للشعب مع الحاكم لكي يعرف مشاكل المجتمع الفعلية وأن تكون هناك معارضة حقيقية ويكون هناك دعم حقيقي من الدولة للجميع.
فمن حق الفقير أن يتعلم مثل الغنى ومن حق الفقير أن يقتنى وسائل التعلم والتكنولوجيا ومن حقه حضور الكورسات والدورات لكي يزيد من مهاراته، وأن يجد المقعد في مدرسته وتعليم من المدرس في المدرسة ولكن لم يعد هذا موجود.
فلم يعد المدرس مهتم بتدريس الحصص المدرسية وأهتم بالدروس الخصوصية ولم يعد هناك انتظام في المدارس وأصبحت المدارس اسماً على ورق، مع وجود وحوش ومصاصي دماء الناس من بعض معلمي الدروس الخصوصية.
نحتاج إلى تطبيق الديمقراطية فعلاً وليس قولاً ويكون هناك حرية الرأي وإزالة الحواجز وكسر الخوف وأن يفتح الحاكم أبواب الحرية والديمقراطية وأن يهتم بصناعة أجيال قادرة على نهضة البلاد فعلاً من خلال الغاء الواسطة والرشاوى والمحسوبية.
ومساعدة الجميع في اقتناء الوظائف وألا تكون قاصرة على فئة معينة، ويجب أن نهتم بالتعليم وبالمبدعين ومساعدتهم فعلاً ويكو هناك خطة من الدولة لتتبنى هؤلاء النوابغ من أجل رفعة شأن البلد وتكون فرص الجميع متساوية بعيد عن المحسوبية ولغة المال والواسطة.
فتطبيق الديمقراطية وحرية الرأي هي الخطوة الأولى في تقدم الدول وشعور الجميع أنهم متساوون في الحقوق وأنه لا يوجد فرق بين شخص وأخر إلا في اجتهاد الشخص نفسه وجميع الفرص متاحة له للتفوق والنجاح.