عماد الاطير يكتب لـ(اليوم الثامن):

الحاكم العسكري والحاكم المدني

كثيراً ما نسمع تلك الكلمات ولكن القليل هو من يفهم المقصود بالضبط بين الفرق بين الحاكم المدني والعسكري، وهناك البعض الأخر ينجرف وراء الأخرون وهو لا يفهم المعنى المقصود، لذلك أردنا أن نلقى الضوء على طبيعة الحاكم العسكري والمدني وهل من الممكن أن يتحول الحاكم العسكري فعلاً إلى حاكم مدني؟

في البداية يجب أن نعرف أن هذا اللقب أنتشر من خلال المخابرات الامريكية والتي كانت تهدف أن تزعزع الثقة في فترة من الفترات الزمنية في حٌكام بعض الدول الذين ينتمون لتلك المؤسسات وقد تم ترويج هذا الاسم بكثرة من خلال بعض العملاء لهم في تلك البلاد حتى يتم تقليب الشعب على الحاكم.

ولكن هذا لا يعنى ان الحاكم العسكري هو نفس الحاكم المدني فيوجد اختلاف بين هذا وذاك من حيث التفكير وأعطاء التعليمات والأوامر ومن خلال السماح بوجود مساحة معارضة فتلك المساحة تختلف بين الحاكم العسكري وبين الحاكم المدني.

لذلك هل من الممكن أن يتحول الحاكم العسكري الى حاكم مدني؟  فمن خلال التاريخ فأنه من الصعب ذلك ولحسن الحظ فالرئيس السادات أجاب لنا على هذا السؤال من خلال حواره مع الكاتب الصحفي بهاء الدين الذي قال له إحنا من نضع الدساتير يا بهاء.

 وهو يعنى إنه لا أحد يرى ما يراه وأن طلباته أوامر يتم تنفيذها بدون إبداء رأى وعلى الجميع أن يتم التنفيذ أولاً ومن ثم يتم الحوار بعد ذلك، ولكن المهم إنه ليس هناك مجال للحوار قبل تنفيذ الأوامر لإن هذه عادات وطبيعة عاش فيها أصحاب هذا الفكر.

 وهي قد تكون مُناسبة تماماً لتلك الهيئات حتى يتم تحقيق الانضباط بين جميع أفرادها وعدم وجود تجاوز، ولكن هذا التفكير ليس شرط أن يكون مٌناسب لجميع الوظائف فهو يحقق الهدف منه في الجيش والحربية والشرطة ولكن حٌكم البلاد مختلف فقد لا تكون رؤية الحاكم صحيحة وتنفيذها بدون مشاورات.

لذلك فأن الحاكم المدني مٌختلف كلياً على الحاكم العسكري في ذلك الأمر فهو ليس في عقيدته هذا البند الخاص بتنفيذ الأوامر أولاً بدون مُعارضة فهو يسمح بالمعارضة وهذا أبرز الخلافات بين الحاكم العسكري والحاكم المدني فالحاكم العسكري لا يتيح فرصة للمعارضة بشكل كبير على عكس الحاكم المدني الطبيعي الذي ليس له أحزاب أو جماعات أو أحزاب سياسية لإن من يخضع لذلك لن يختلف كثيراً عن الحاكم العسكري.

فالحاكم العسكري يسعى دائماً إلى بث الخوف والذعر في نفوس الشعب من خلال بث أحساس وهو إما السمع والطاعة لكافة الأوامر أو الفوضى وعدم وجود الأمن والأمان، مما يجعل الشخص يختار الأمن عن أي حاجة أساسية يحتاج إليها.

كذلك أصحاب هذا الفكر يقومون بترويج كلمات رنانة وهي أما أن تكون في صفنا أو تصبح ضدنا ومن خلال هذا الفكر يتم توزيع صكوك الوطنية فمن يتفق مع الرأي فهو من الناس الوطنية ومن يختلف في هذا الرأي فهو شخص ليس وطني وهذا يعتبر من أخطر العيوب.

 وحتى نكون مٌنصفين فليس هذا الكلام ينطبق حرفياً على الجميع ولكن الأغلبية من تتسم بذلك، وايضاً فأن الحاكم المدني يسمح بالمعارضة عكس الحاكم العسكري الذي لا يسمح بذلك نهائياً ويتم اتخاذ قرارات فورية ضد من يٌعارض ويختلف في الرأي.

وبالتالي فهو يحاول أن يضع بنود في الدستور تتيح له اتخاذ ذلك وعادة الحاكم العسكري قد يملك السلطة في البلاد نتيجة ظروف استثنائية سواء كانت خاصة باغتيال الحاكم السابق وانتشار الفوضى أو من خلال تفشي الظلم وانتشار الفساد فيكون هو الخيار الأفضل في تلك المرحلة.

ولكن من العيوب التي تواجه الشعوب بعد ذلك هو سيطرة الحاكم العسكري على الحكم طيلة حياته ويحاول أن يفعل جميع الأشياء التي تحافظ له على الاستمرار في الحكم، فعلى الرغم من كثرة تلك العيوب فأن الحاكم العسكري يمتاز بشيئاً هاماً وهو تقوية الجيش وتسليحه بالسلاح والقوة.

وقد يختلف بعض الأشخاص في هذه النقطة نظراً لتخصيص ميزانيات كبيرة للجيش والشعب يحتاج الى هذا المال ولكن في الواقع الفعلي الذي نعيشه فأن تسليح الجيش من أهم الأمور لإن البلد التي تملك حق الدفاع عن نفسها وتملك جيش قوى هي تلك البلد التي يعمل لها الأعداء ألف حساب.

لذلك أذا استطاع الحاكم العسكري الذي يتولى أمر البلاد أن يخلع الرداء العسكري وينسى ذلك ويتحول الى شخص مدني عادى ليس لديه ديكتاتورية في القرار ومحاربة المعارضة فهو سيكون حاكم رائع لا نه يملك القوة والمدنية ويملك القوة العسكرية.

ولكن هذا يتوقف على الحاشية التي تحيط بهذا الحاكم سواء من خلال نشر الفكر العسكري أو من خلال التحول الى المدنية والحكم من وجهة نظر الشعب وليس من وجهة نظر تنفيذ لأوامر وليس من حق أحد المعارضة أو إبداء الرأي.