محمد مرشد عقابي يكتب:
علي القريضي.. بطولة بعمر الكبار
يزخر الجنوب بنخبة من الرجال الأشاوس الأبطال، وعند التطرق لهذه الصفوة يتبادر الى الذهن أسم الشاب البطل والقائد الجسور "علي القريضي الحوشبي"، الذي عرفته ساحات وميادين الجنوب مقاتلاً عنيداً ومقداماً قل أن تجد له نداً ومثيلاً، لم تكن هناك جبهة إلا ووطائها بقدماه، خمسة أعوام ونيف من الإستبسال والقتال وتسطير الملاحم البطولية في صفوف المقاومة الجنوبية والقوات المسلحة قدم خلالها دمه وروحه من أجل أرضه وعرضه ودينه وهويته.
يعلم هذا البطل الجنوبي الثائر منذ اللحظات الأولى لإنخراطه بصفوف المقاومة الجنوبية عام 2015م ومن ثم بقوات الجيش الجنوبي أنها الحرب وأن أمل العودة والنجأة منها ضئيل، لكنه لم يأبه بالموت يوماً ولم يخش منازلة العدو، فقد صال وجال مكبداً المليشيات الحوثية والإرهابية عشرات القتلى والجرحى ليس كمقاتل صغير بل كقائد محنك كبير يبدوا لمن يشاهده وكأنه تخرج من أعلى الكليات العسكرية والحربية.
ينتمي القائد البطل "علي القريضي" ذو الـ 20 ربيعاً، إلى مديرية المسيمير الحواشب محافظة لحج، وهو نجل الهامة التربوية والشخصية الإعتبارية والسياسية والوجاهة الإجتماعية الشيخ "أحمد علي صالح القريضي" القيادي البارز في المقاومة الجنوبية وعضو الهيئة الإدارية رئيس لجنة الخدمات بمحلي المديرية.
التحق الفتى "علي القريضي" بمقاومة الحواشب التي انبرت لمجابهة المشروع الحوثي الإيراني في الجنوب صيف 2015م، وكانت هذه هي الإنطلاقة الأولى لهذا الشاب المقدام الذي حمل سلاحه لأول مرة رغم صغر سنه وتوجه الى ساحات الشرف والبطولة، هذه الحرب تمخضت بميلاد قائد جنوبي محنك وبطل قومي جسور من أبطال ميادين العزة والكرامة، فمنها سجل هذا الشبل الحوشبي أسمه في صفحات التأريخ المعاصر لنضال شعبنا الجنوبي العظيم بأحرف من نور مدوناً أعظم الملحميات الأسطورية التي سيتذكرها الجميع مدى الحياة بمشاعر الفخر والإعتزاز.
منذ التحاقه بالمقاومة الجنوبية التي شيد أسسها المتينة القائد العلم الشيخ "محمد علي الحوشبي" طيب الله ذكره ورفع قدره، شارك البطل "علي القريضي" في كل المعارك التي شهدها محور الحواشب، وقاد الكثير من المواجهات القتالية ضد عناصر الكيان الحوثي، مسطراً أروع الملاحم والمواقف البطولية الشجاعة، كما كان يقود الغزوات ويقتحم ثكنات ومواقع المليشيات الكهنوتية والإرهابية بكل شجاعة وصلابة وأقدام لا نظير له، ويحكي عدد من زملائه الذين رافقوه في حل وترحال تلك المعارك عن قصص بطولاته قائلين بان البطل "علي القريضي" يعد واحداً من أبطال الجنوب وحماته الأشاوس ممن كان لهم شرف المشاركة في جميع الجبهات دفاعاً عن الوطن وخوض أعنف واشرس المعارك ضد المليشيات الحوثية والجماعات الإرهابية بمختلف المناطق الجنوبية، مؤكدين بان القائد "علي القريضي" كانت له بصماته في مواجهة قوى البغي والإرهاب في جبهة المسيمير وجبهة كرش وجبهة عدن وجبهة حبيل حنش، وشارك في جبهة الشيخ سالم والطرية في محافظة أبين بالإضافة الى مشاركته في أداء العديد من المهام العسكرية والأمنية الأخرى.
ومع خوضه عشرات المعارك والمواجهات العنيفة ضد مليشيا الحوثي والجماعات المتطرفة، تعرض القائد البطل "علي القريضي" لأكثر من إصابة خطيرة، أخطرها استهدافه بصاروخ موجه اطلقته مليشيا الحوثي على الطقم الذي كان يستقله برفقه عدد من زملائه المقاومين في جبهة حبيل حنش العام الماضي والذي راح ضحيته شهيد وعدد من الجرحى، حيث ما تزال آثار علامات الندبات والشظايا والجروح تتوزع على انحاء متفرقه من جسمه الضعيف "الهزيل والنحيل".
بعد كل اصابة لا ينتظر البطل المقدام "ابن القريضي" حتى تشفى جروحه تماماً وبشكل كامل، إنما يسارع إلى الجبهات كلما سمع نداء الواجب والوطن، فيشارك ولا زالت الضمادات تلف جراحه، وتظهر كمية الحب والإعجاب بهذا القائد الإستثنائي نظراً لأخلاقه الرفيعة وتواضعه سلماً وبطولته حرباً، انه بطل وقائد ملهم فاق بشجاعته واقدامه وحنكته الكثير ممن يكبرونه سناً ورتبة ويسبقونه خبرة وتجربة، هذا هو الوجه الحقيقي لصورة القائد البطل "علي القريضي" ذلك الشاب الوطني المحب والغيور على دينه وأرضه وعرضه، انه فعلاً القائد الهمام صاحب المروءة والشهامة والشجاعة والنبل والكرم والإنسانية، الجميع يشهد له بالوفاء والإخلاص والصدق وطيب التعامل، شاب يعرفه الكل بانه صاحب رأي ومشورة ويمتلك قدر كبير من التأثير على مجتمعه المدني والعسكري هكذا وصفه رفاق دربه.
يقول أحد زملائه : القائد "علي القريضي" هو ذلك الثائر المجيد والمناضل الشجاع والقائد الفذ الذي لم يتخلف ساعة عن معركة ولا فزعة ولا هجمة ضد المليشيات الحوثية او الجماعات الإرهابية، ومن يعرف "علي القريضي" يعلم انه بصحبة شهيد حي، بينما يتحدث احد المقاومين عن القائد "علي القريضي" قائلاً : "نعم القائد علي القريضي اصغرنا عمراً، لكنه والله أكبرنا شجاعة، واكبرنا عزيمة واصرار، انه القائد الإستثنائي الذي يتميز بأشياء كثيرة جدا"، وأضاف اسألوا عن "علي القريضي" جبال مشيقر ومناعة، واسألوا جبال كرش ومرتفعات التنيم، وناقشوا "رمال" الطرية والشيخ سالم" فهي من ستخبركم وتقول من أول من وصل اليها برفقة الشهيد القائد "يسري العمري" ومن هذا الإتجاه اقدم "علي" ومن هنا أضع حجر الزاوية لمن لا يعرف بطولات ومآثر هذا الأسد الحوشبي الكاسر التي خلدها التأريخ.
في معركة "قرن الكلاسي" في أبين بين القوات الجنوبية والمليشيات اليمنية، وبعد ساعات عديدة من الإشتباكات والمواجهات النارية تقهقر عناصر المليشيات امام زحف وتقدم أبطال الجنوب، في ذلك اليوم وبعد ان دب الظلام وخيم على الأرجاء كان المقاتلون الحواشب في مقدمة الصفوف يطاردون العدو، وبين سطوة الطلقات النارية باصواتها المختلفة كان القائد الشاب "علي القريضي" يفكر بمصير رفيق دربه قائد اللواء العاشر صاعقة "يسري العمري الحوشبي" الذي تعرض لإصابة خطيرة في الرأس تسببت بإستشهاده لأحقاً، في ذلك الظرف العصيب طلب القائد "علي القريضي" من زملائه أن يساعدوه في انقاذ القائد الحوشبي الجريح، كان الوضع لا يسمح بهذه المجازفة والموقف خطراً جداً حيث لايزال العدو متربص ويتموضع على بعد أمتار قليلة، ونظراً لشعبيته هذا القائد وحب الجميع ايضاً للقائد الحوشبي المصاب استجابوا له ولبوا طلبه بعد أن أقنعهم بقوله يجب ان ننقذ قائدنا يسري او نستشهد جميعنا بجانبه.
انها همة تطاول السماء وتعانق السحاب، وعزيمة فولاذية صلبة لا يهتز لها رمش عين في أشد الليالي عصفاً وقصفاً وأنيناً ورعباً لكنها مواقف الرجولة وقيم الفداء والتضحية والإخلاص والوفاء تتجلى في أبهى وأسمى وأنبل صورها ومعانيها لينقذ زميله ورفيق دربه ويمشي به حاملاً له الأكتاف مسافة طويلة قبل حتى أوصله الى احد الأطقم ليتم نقله الى احد مشافي العاصمة عدن وكان من أبطال تلك الموقعة الفدائية والبطولية العظيمة والذين يجب ان نشير اليهم للإنصاف القائدان "عبد الصمد عبد الخالق باشا الحوشبي وماجد صالح محمود الحوشبي"، وفي الرابع من شهر يوليو 2020م كان القائد "يسري الحوشبي" رفيق درب البطل علي القريضي على موعد لقاء لكنه لقاء من نوع رفيع، أنه لقاء بالرفيق الأعلى، فقد فاضت روحه الى بارئها معلناً فراقه للحياة برتبة شهيد وهو يدافع عن وطنه في جبهة قرن الكلاسي بمحافظة أبين، رحل احد أعز أصدقاء البطل "علي القريضي" ورفيق الدرب والقضية والموقف والسلاح بعد أن أدى ما عليه في سبيل الجنوب، رحل مقبلاً حراً رافضاً لكل انواع العبودية والخنوع والإذلال إلا لخالقه ومولاه، ليسير بعده رفيق دربه "علي القريضي" في نفس الخط الذي سلكه وسار عليه رافعاً شعار النصر او الشهادة.