د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
أنتم أمة تنام ولكن لا تموت !!
قرأت هذا الحوار بين شاب عربي يدرس في بريطانيا مع أستاذ جامعي بريطاني متخصص في التاريخ العربي القديم والذي بدأ كلامه لجاره الشاب العربي بالقول :
( أنتم أمة تنام ولكن لا تموت ، وما علينا إلا أن نبقيكم نياماً قدر استطاعتنا) .
سأله الشاب العربي : لماذا كل هذا العداء ؟ وما الذي يضيركم إن أفقنا ؟ أجاب : هذا سؤال كبير والجواب عليه ليس بسيطاً ..
قبل 1400 عام كانت أساليب وأدوات الحضارة اليونانية القديمة والرومانية التي ورثتها وأخذت عنها كل شيء تبسط نفوذها السياسي والاقتصادي والثقافي والديني على العالم القديم . بما فيه بلادكم "العالم الذي من ضمنه الجزيرة العربية"
كان مجتمع الجزيرة العربية يتشكل من قبائل مختلفة متناحرة ومتناثرة دائمة التذبذب والانتقال والأهواء والأغراض . مفككة الأوصال متفانية في حروبها يقاتل بعضها بعضاً .تارة يدخلون في أهل العراق تبعاً للفرس . وأخرى في أهل الشام تبعاً للروم . ولم يكن يجمعها من الدوائر والتشكيلات الإدارية والسياسية والاقتصادية بعد سقوط الممالك اليمانية الحميرية إلا شكل بسيط ظهر في نهاية القرن السادس الميلادي بعد الغزو الحبشي للجزيرة العربية . وهو حلف الفضول الذي جاء مباشرة بعد حرب الفجار .كان المشهد يبدو في منتهى الاستقرار في هذه المنطقة من العالم تحت حكم الفرس والرومان . فجأة ظهر رجل اسمه محمد "أضيف أينما ورد ﷺ الذي سماه قومه الصادق الأمين .
والذي اكتسب صفات الزعامة والشرف والرأي والعزم والحزم والحلم والتأمل والنبوءة . قام محمد ﷺ وعلى مدى ثلاثة وعشرين عاماً بإنضاج برنامج تجاوز فيه حدود المعجزات . وذلك من خلال سلوكه الشخصي ورسالته السماوية بتوحيد قبائل عرب الجاهلية التي كان من صفاتها الدنايا والرذائل التي ينكرها العقل السليم ويأباها الوجدان ..وفي الوقت نفسه كانت فيهم الأخلاق الفاضلة المحمودة من كرم ووفاء وإغاثة وعزة نفس وعزم وحلم وصدق وأمانة ونفور من الغدر والخيانة ..
قام بتوحيدهم وصهرهم في بوتقة أخلاقه وتعاليمه السماوية حتى أصبحوا على ما يريد . استطاع الإسلام بوثبته الهائلة الانتصار على الروم في اليرموك 636 م .
وعلى الفرس في القادسية 638 م . ومع انكسار الروم والفرس بدأ العرب المسلمون بالتوسع والسيطرة على العالم القديم . فأصبحت الدولة الجديدة تمتد من فرنسا غرباً وشمالاً إلى الصين شرقاً وذلك في القرن الأول من ميلادها ..
لقد أنشأ محمد ﷺ رجالاً يمكنك وصفهم بكل شيء إلا أنهم دون الملائكة .
فكيف نترككم الآن لتحقيق وحدة قومية عربية إسلامية حدودها من الغرب إلى الشرق 12000 كم . ومن الشمال إلى الجنوب 8000 كم بمصادر طبيعية هائلة .
إن توحدت وبشعبٍ فتي إذا اقتنع سيصنع المعجزات خلال فترة نسبية قصيرة .
أنتم قلب العالم .فإذا أصبح قلب العالم سليماً معافى تبعته الأطراف .لذا ما علينا إلا إبقاؤكم نياماً بقدر ما نستطيع .إننا لا نستطيع أن نميتكم مادام القرآن فيكم ..
أنتم أمة تنام ولكن لا تموت !!
وما علينا إلا تأجيل يقظتكم بقدر المستطاع ..نحن نصنع نخبكم السياسية والاقتصادية والإعلامية . قال له الشاب العربي : أشرت في حديثك أكثر من مرة إلى نحن .
فمن أنتم؟؟؟ قال : نحن زعامة العالم .
الدول العميقة الولايات الأمريكية المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وأوروبا وحلف الأطلسي . وكالات المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية والأوروبية .
وهيئة الأمم والجمعيات السرية والمتنورين والماسونية وفرسان المعبد وأرباب المال وتجار السلاح وبارونات النفط وأساتذة الجامعات ...وحتى أكون أكثر تحديداً المسيحية و اليهودية و الصهيونية . وكي يزداد عجبك أضيف الشيوعية ...
هذا التحالف الهائل هو الذي يقوم بتنفيذ عمله المنظم مستخدماً وسائله الجبارة من ثقافة وإعلام واقتصاد وعسكرة وتسخير ديني للحفاظ على إبقائكم نياماً ..!!
والسؤال الذي يطرح نفسه علينا هو :( ما الذي أصابنا ؟؟!! وكل واحدٍ منا يطعن الآخر أو يتفرج عليه وهو يذوي ويموت.؟؟ نتربص الألم ونسلم أوطاننا للغريب يقرر فيها مصائرنا، فيلعب بنا ويسلب أقوات أبنائنا ويسرق ثرواتنا، ويقدر لنا أي طريق نسلك وإلى أي مستقبل نمضي ،أي أمة نحن نسهم في نحر أنفسنا بأيدينا أو أيدي أعدائنا؟ لا نتعلم من التاريخ شيئاً، نعيد سيرة حروب المذاهب و الطوائف كما فعلنا في الأندلس حتى فقدناها، بل نكرر أخطاءنا مراراً وتكراراً، نعرف الحق فلا نتبعه، نتبعهم حتى آخر جحر ضب بلا بصر ولا بصيرة؟!!
أي ألم هذا الذي ينز في الخاصرة فيذهب العقل حتى تتوه البوصلة؟!
نحن اليوم في أوهن حالاتنا ، وعلينا أن نستيقظ من الغيبوبة شبه الأبدية، والتي أمضت عقوداً إن لم تكن قروناً، فبعد أن كنا نسود كإمبراطورية، أصبحنا أمة بلا تاريخ، وشعب بلا وطن، وديمغرافية بلا جغرافية، سرقت منا روحانيتنا، ونهبت ممتلكاتنا، وهمشت لغتنا، وأصبحنا بلا ماض، وتحولنا إلى أمة متناحرة فيما بينها،
فمتى نستيقظ من هذا السبات الطويل ؟؟!!
د. علوي عمر بن فريد