نبيل الصوفي يكتب:
قطر ومساع إنقاذ الحوثيين.. تحارب من صنعاء ضد الرياض ومع طهران!!
قطر ترمي بكل مالها، إعلاماً وسياسة، لإقناع الكونجرس بالاعتراض على قرار إدارة ترامب إدراج الحوثي قائمة الجماعات الإرهابية.
القانون يلزم الخارجية إبلاغ الكونجرس قبل أسبوع من بدء سريان القرار، وما لم يعترض يصبح القرار نافذاً..
قطر التي تصالحت مع السعودية في الرياض لا تزال تحارب صنعاء ومن صنعاء، ضد الرياض ومع طهران..
بالتصنيف وبدون، كل شيء مرهون بحركة حكومة اتفاق الرياض..
حتى بدون تصنيف هي الشرعية لولا عبث الإخوان وسلطة عيال الرئيس وحلفائهم.. لكانت الدولة التي يقولون اتحادية قد قامت بعد تحرير عدن في عدن وجاءتها صنعاء صاغرة.
لكن أطماع حلفاء 2012 أسقطت صنعاء وغدرت بعدن، وحين أعادها الجنوب والتحالف إلى عدن، أظهرت معدناً تافهاً وفساداً طافحاً وفشلاً مخزياً..
ثم لاحقت جبهاتها هي نفسها ضد الحوثي لتعبث بها واحدة بعد الأخرى، وتفتح لها جبهات خاصة ضد حتى مفهومها للشرعية وللاتحادية.
اليوم أعادها التحالف مرة أخرى إلى عدن، وها هي أمريكا تهديها قراراً مهماً..
والخيار أمامها.. بالقرار أو بدونه أن تغير تصورها كله الذي قد سقط مرة ومرتين وثلاثاً.. تغير ما تراه صواباً، أما الفساد والأطماع الخاصة وأحلام ما قبل 2014 فهذه يفترض أنها بتوقيعها اتفاق الرياض قد تخلت عنها وأدركت خطورتها..
* * *
اتفاق استوكهولم، أسقط الحرب ضد الحوثي. أوقف الحرب عليه غرباً، وفتح له مأرب شرقاً.
لا يمكن القول إنه خالٍ من المنافع، لكن إثمه أكثر من نفعه، خاصة وأننا ليس لدينا شرعية محترمة، ولا أنتجت القوات المشتركة في الساحل هُوية اجتماعية موحدة ضد الحوثي، كل طرف لا يزال حبيس ماضيه ويظن أنه الحق.. ويعيد إنتاج وممارسة ماضيه الذي فشل أصلاً، بكل إخلاص.
وسيظلون هكذا حتى يعود الحوثي ويلفهم جميعاً.. تماماً كما حدث في مأرب ويحدث في تعز.. فالمؤتمر والإصلاح، قيادات وقواعد، موزعون على هذه المناطق الثلاث، يعيدون إنتاج خطاياهم بطريقة أكثر إتقاناً من النسخة الأصلية التي أسقطت الدولة والجمهورية والوحدة والثورات كلها في صنعاء..
فماذا سيفعل اتفاق الرياض، المخصص للجنوب؟
قد ينجح، إن تماسك الجنوب.. أو قد لا يكون سوى وليمة لإقامة دولة مسخ في الجنوب، لا هي جنوبية ولا هي وحدوية.. دولة يعيد التحالف حقنها بنخب الفشل المؤتمرية والإخوانية التي هربت من صنعاء ومن عدن وقت الحرب، ثم عادت بعده تريد فرصة أخرى لخطاياها القديمة، ويضيف لها ما تيسر من نخب جنوبية شريكة.
وكل ذلك سيبقي الجنوب قيد الصراع حتى ينتهي الحوثي من معاركه شمالاً.. ثم يلفت انتباهه جنوباً، في محاولة لصرف أنظاره عن ما وراء حدود الشمال شمالاً.
وبريطانيا سيدة خبيرة في هكذا إدارة للصراع..
* * *
إدارة الجيش الإماراتي للحرب في اليمن، مع إرادة المجتمع الجنوبي.. جعلت الحوثي صغيراً، وكل الأطراف اليمنية بمعنويات مرتفعة عليه كل طرف يفتح له جبهة.
تحرك الجندي اليمني من عدن إلى الحديدة، ومن العبر إلى نهم وسد مأرب بمعنويات غالبة.. وكان باقي لمحمد البخيتي يفرش الشال في الحديدة للنهابة ينزلون يقاتلون..
واليوم، صار كل يمني محاصراً بالمخاوف.. استعاد الحوثي اللعين معنوياته التي سيطر بها على عمران وصنعاء، وصرنا كلنا مهزومين نعدد جرائمه وانتصاراته، وصمودنا وانكساراتنا..
تقريباً لم يعد سوى المقاتل الجنوبي في الجنوب، لديه الثقة المطلقة أن الحوثي مجرد آفة لا تقوى على شيء.. وإن انتفشت ضربها بإرادته فولت هاربة.
وكم أخاف على هذه الإرادة المعنوية من حيل دولة اتفاق الرياض..
فاستوكهولم كان الضربة القاضية شمالاً.. لم يقم بعدها أي محارب بدوره، والحوثي وحده من استمر يقاتل..
وأخاف أنه بعد اتفاق الرياض تتلاشى الروح الجنوبية المنتصرة، وأن يصبح الصوت المخاتل هو المدعوم سعودياً.. حتى يتشكل لنا جنوب يشبه الشمال، يأكل ويسكت، ويقلبها فلسفة وادعاءات وفساداً وضبابية.
يا خوفنا من سقوط كل إرادة مقاومة للحوثي في براثن الحسابات الآنية والأنانية..
هنيئاً لكل شهيد عرف طريقه إلى الخلاص، وملعونة هي الأطماع التي تبقينا عجزاً بعد عجز.