صلاح مبارك يكتب لـ(اليوم الثامن):

رحم الله فؤاد باضاوي

توفي فؤاد باضاوي رحمه الله.. ومن منا لا يعرف باضاوي صاحب الكلمة الطيبة والموقف الأصيل وبشاشة وجهه وابتسامه مميزة التي لا تفارق محياه.. 

 

ربما الكثيرون يجهلون كثيرًا عن باضاوي الإنسان، ولكن من عايشوه وتعاملوا معه يعرفون إنسانيته وصدق مقصده ونبل أخلاقه على مستوى المعاملة.. فهو شخص بسيط متواضع صاحب ذكاء فطري وقلب رحيم محب للناس لا يكره ولا يلغي أحدا.. لا يتصنع ولا يتقعر ولا يعمل نفسه أبو العريف..  فالسجايا الحميدة ديدنه، والمحبة تسكن وجدانه وعقله لم تفارقه حتى والمرض يدني أجله شيئا فشيئا..

 

باضاوي هو صحافي له بصمة في الكتابة في مجال الفن والرياضة .. وعندما يكتب يقول شيئا وتجذبك مفرداته المعجونة بنكهة خاصة ونبرة سلسة فيها صدق ووفاء.. ويستخدم مخزونه المعرفي ليسكبها في معاني ويحليها بأبيات شعر مغناه ليعطيها حقها بكمال الدلالة..

 

عمل معنا في صحيفة المسيلة في حقبة زمنية جميلة وأصحاب درر - كان رحمه الله- مسؤولا للتحقيقات الصحفية له أسلوبه الخاص في كسب ود زملائه فيحول «قعيدتهم» إلى أجواء حبية مرحه بقفشاته التي لا تخلو من المداعبة اللطيفة التي تخفف من ضغط العمل  وحالات التآزم، ولا يكاد شخص ارتبط بفؤاد لم يضحكه وهذا لا ينتقص من قدراته واحترام الآخرين له , بل تطبع في مخيلته شهامة الرجل وسماحة روحه ,  فهو محبوب ومن القلة الذين يسكنون القلوب دون استئذان.. 

 

في مرضي الذي اقعدني الفراش كان - رحمة الله عليه  - الوحيد من بين زملاء المهنة ممن طرق باب منزلي في أقصي غرب المكلا.. حتي اني سألته كيف عرفت منزلي قال بدعابته المعروفة من «يسأل ما يتوهش».. عاود الزيارة مرة واثنتان وعندما رأي حالتي الصحية تستدعي «مدلكًا» أحضر أحد زملائه..

 

وفي مرضه الأخير الذي لازمه في السنوات الأخيرة من حياته زرته في منزله بمعية رئيس فرع نقابة الصحفيين الأستاذ سالم الشاحث والزميلين المصوريين خالد بن عاقلة وشكري عيبان وفي المستشفي مرات عدة حيث ادخل العناية المركزة اكثر من مره، وتنقل في أقسام الرقود يعاني من أوجاع مرضه .. وقبل سفره الأخير إلى القاهرة لإجراء قسطرة ودعامات في القلب زرته في مستشفى أبن سينأ وجدته وحيدًا قبل أن يأتي ابنه النجيب «هاني» ، ويشاركنا في الحديث , فعلى الرغم من آلام مرض فؤاد إلا أن خفه دمه كانت حاضرة باسترساله في سرد المواقف الظريفة ويتوقف ردهة ليشتكي بحاله ومن الوضع الظالم والظرف القاهر الذي حل بنا , ثم يعود ينكت.. 

باضاوي عاش في بيئة مكلاوية مسكونة بالبساطة وحب الناس ، كان داعية وفاء.. ومن صفحته في الفيسبوك  ينثر مناشداته ويصدح بإنقاذ حياة محبيه من كبار الفنانين والشخصيات ممن تعصف به ظروف الحياة وقهر الزمان..

فيحزننا كثيرًا أن أمثال فؤاد باضاوي من المغضوب عليهم في زمن الجور والباطل فلا ينظر لعلاجهم  على نفقة كاملة من الدولة بينما تذهب المنح العلاجية وتنفق بلا رحمة ولا ضمير على الميسورين والنافذين وعائلاتهم في كبرى المستشفيات أو للتسكع في العواصم العربية والأوروبية .. آلمي عليك يا فؤاد .. ولا يسعني إلا أن ادعو لك بالمغفرة والرحمة وأن يسكنك  فسيح جناته.