صلاح مبارك يكتب:
الإقصاء .. عودة لإنتاج الفشل!
"الجبهات السياسية، والإعلامية، والمجتمعية، لا تقل أهمية عن الجبهة العسكرية، فالجميع اليوم جنود مع هذا الوطن حتى تنتهي الفترة الانتقالية، لتأخذ بعدها الديمقراطية مسارها، ويؤخذ كل ذي حق حقه"..
هكذا تحدث - بوضوح - نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الأخ عيدروس الزبيدي - قبل أيام - أمام الصحفيين والإعلاميين المشاركين في المحور الإعلامي في مشاورات الرياض التي رعتها الأمانة العامة لمجلس تعاون لدول الخليج العربية، ولاشك أن قول عيدروس الزبيدي في هذه الجزئية تأتي من اداركه لأهمية دور الإعلام في هذا العهد الجديد - بالذات - من تاريخ اليمن الذي بدأ يتشكل بعد نقل صلاحيات الرئيس عبدربه منصور هادي، إلى مجلس القيادة الرئاسي في مسعى للملمة جميع القوى السياسية اليمنية لإدارة شؤون البلاد وإستعادة الدولة والتوافق على أهداف واحدة لرسم أولويات الحل السياسي الشامل وإحلال السلام الدائم - كما هو معلن- ..
هذا الطموح المشروع لا يختلف عليه أثنان انه بحاجة إلى إرادة مخلصة وقناعة صلبة ولحمة وطنية واداة تصالحية لردم جراحات التشتت بكل أشكاله ، وطي صفحات الاقصاء والتهميش والشعور بعدم المواطنة، وإنهاء المظالم، لا العودة لتوجه الهيمنة والضم والاستعلاء وتعميقه - كما بدأ جليًا - في تلك الصورة - غير المبشرة - التي أظهرت - وبكل فجاجة - الطيف الصحفي والاعلامي الشللي والمناطقي، ممن يمثلون مكونات بعينها مرضي عنها , وغاب عن هذا التشكل معايير التشارك الوطني الحقيقي والعادل ، وكأن قضية اليمن معني بها الشماليون والجنوبيون دون غيرهم ، أما الآخرون فهم تابعون وينتظرون الحسنة من حملة البنادق الذين ارهقوا البلاد وبهدلوا بالعباد خلال سبع سنوات من المتاهات والشقاء والعذاب..
أن الرجوع إلى مربع التكتلات وحكاية الأصل والفرع، الظاهر في ذلك التشكل الغريب الذي جمع زهاء 233 إعلاميًا يمنيًا بين شمالي وجنوبي واقصى منه حتى ممثلو المكونات التي يقال إنها شريكة في الحكومة الحالية التي جاء بها إتفاق الرياض، بل من المشاورات اليمنية - اليمنية بكلها، هو إعادة إنتاج الفشل , ولن يتعافى الوطن منه مادام سيناريو الهيمنة والاستحواذ مستمرًا، إلى أن يقدر الله أمرًا، فيرجع الولاة والعقلاء منهم إلى جادة صواب الحق وإشاعة العدل والاعتراف بالمساواة والإنصاف واقعًا , وليس في الخطب والمنابر..
و لعل الجميع يتفق بأن المرحلة القادمة - كما قال الأخ عيدروس الزبيدي أمام ذلك الرهط من الاعلاميين – "مرحلة مصيرية"، ولاشك أن للإعلام دور محوري في ذلك ويتوجب تصحيحية للقيام بمهامه كاملًا , وأرى في قول الزبيدي صيحة مستوعبة أهمية وخطورة هذه المرحلة، ويقصد بها الفترة الانتقالية الحالية التي بدأت تدور عجلتها، وتحتاج لهمة كبيرة وعزيمة قوية ونوايا صادقة حتى لا تتوقف فتجهض في مهدها ويتأجل حلم التعافي من الحرب وقبحها ومآسيها وطي متاعبها وتربيطاتها الهشة.. فهل يستوعب ذلك الساسة ومن بيدهم القرار وفي مقدمتهم مجلس القيادة الرئاسي المختار .