رحيم الخالدي يكتب لـ(اليوم الثامن):
افهموها.. العراق ليس ساحة تصفية
تتسابق أمريكا مع الصين من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى بحثا عن المكاسب، وبين الحين والآخر تطفوا على السطح تهديدات، لتختفي بشكل درامي وكأنه سيناريوا تم إعداده خلف الكواليس، والذي لا يفهم بالسياسة!
يقال هنالك إتفاق بين تلك الدول لإبتزاز دول المنطقة، وجزء من ذلك صحيح فأمريكا تختلق عدوا وهمياً لدول الخليج الضعيفة، وتخيف هذه الدول وتجعلها تخشى الإنقلاب، لهذا تتمسك بأمريكا ولا تريد لها الخروج من المنطقة.
طالما بقيت أمريكا بأساطيلها وطائراتها، والقواعد التي أنشأتها في القرن الماضي، فيجب أن تكون هنالك مشاكل لضمان ديمومة وجودها، وما نتج عن تشكيل القاعدة الذي أسسته أمريكا في افغانستان، بحجة إخراج روسيا منها، سوى ذريعة لإيجاد قاعدة لها، وتلتها التنظيمات أمثال "داعش" وأخواتها من "جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش محمد وقسد".. وغيرها من التسميات، الا لتجديد تِلك المجاميع بعد إنتهاء عهد القاعدة.
التمسك الأمريكي ببقائه في العراق ليس أمراً إعتيادياً، فهنالك دراسات وبحوث تجري في أروقة السياسة الأمريكية، وتستعمل كل الممكنات كالحضر الإقتصادي، وغيره من أساليب الابتزاز بغرض تعطيل خروجهم، سيما أن البرلمان العراقي صوت وبالأغلبية لخروج تلك القوات، فعلى أمريكا وفق المواثيق الدولية الخروج من العراق.. وما المشاكل الأخيرة التي حدثت في العراق، والتي أدارتها السفارة الأمريكية بامتياز الاّ دليل واضح لعدم سعادتها بالقرار.
من يريد ضرب ايران فهي ليست ببعيدة عن الأساطيل والمدمرات، والقاصفات والقواعد التي انشأتها أمريكا في الخليج، أما التهديد بإستخدام أرض العراق فسيكون مدمرا لكل دول المنطقة.. خصوصا الفصائل المعادية لأمريكا لا تألوا جهداً الا وستستعملها في القتال ضدها، وهذه يضعهم بموقف حرجٍ جداً، وستكون هزيمة ستتذكرها الأجيال، وهذا ما لا تريده في الوقت الحاضر، ناهيك عن الماكنة الإعلامية التي إستطاعت أن تحرف بعض السُذّج، بجعل إيران عدواً للمنطقة .
بعد الضربات المتوالية على القواعد الأمريكية وسفارتها، من قبل "فصائل عراقية"، وعجز أمريكا عن التصدي لتلك الضربات، رغم أنها جربت منظومة "سيرام" لكنها أثبتت فشلها الكبير.. فالتفت والتجأت الى حيلةٍ أخُرى، وهي حلف الناتو، لكسب شرعية دولية، بذريعة أنه طلب الحكومة العراقية..
بهذا تضرب أمريكا عصفورين بحجرٍ واحد، وكأن التصويت على إخراج المحتل ذهب أدراج الرياح، وهنا تقع المسؤولية على مجلس النواب العراقي، والا سيفقد ثقة الشارع به، ما لم يجد حلاً لتلك المعضلة، التي أدخلتنا أمريكا بها.
من نتائج التخريب المتعمد للاقتصاد العراقي كعقوبة أولية، الوقوف بوجه مشروع ميناء الفاو وربطهِ بطريق الحرير، رغم أن كل دول المنطقة عقدتْ إتفاقيات مع الصين فلماذا العراق!.. ومن باب أشدْ فها هي تركيا إشترت منظومة الدفاع الجوي "أس 400" وتجاهلت إعتراض أمريكا، فلماذا العراق لا يحق له التعاقد وإدارة أجوائه لو لم تكن أمريكا تريد الأجواء بإدارتها، لتعمل ما يحلوا لها ويبدو أن رئاسة الوزراء والجمهورية راضية!
لا تشتكوا من رد فعل من قبل من لا يريد تواجدكم في الأراضي العراقية، فقد تحرروا من الإرهاب صنيعتكم، ويملكون قوة عسكرية منضبطة، وجيش عقائدي لا يُقهر، وتجربة الإرهاب التكفيري الذي صنعتموه، قد أنهى وجوده بظرف زمن بسيط، مقارنة بالوقت الذي أعطيتموه أنتم سابقا، فلا تلتفوا على القرارات التي أقرها مجلس النواب، فشعب العراق لا يريد وجودكم، واذا أردتم محاربة إيران فهي ليست بعيدة عنكم.