صلاح مبارك يكتب لـ(اليوم الثامن):

السلط وحكومة معين؟

يوم عاصف في الأردن الشقيق أثر وفاة عدد من مرضى كورونا المستجد جراء انقطاع الأكسجين في مستشفى السلط الحكومي، سارعت كل الأجهزة الرسمية في هذا البلد العظيم لمواجهة ما حدث ولملمة الجراح وتهدئة غضب وفاجعة أسر الضحايا.. ذهب الملك الأردني عبدالله الثاني بنفسه إلى المستشفى يطلع ويتحرى عن ما حدث، بينما وجه رئيس حكومته الدكتور بشر الخصاونة إلى إجراء تحقيق شامل في الحادثة على أن يكون واضحاً وشفّافاً وإعلان كلّ تفاصيله على الملأ، طالبا من رئيس المجلس القضائي إجراء ذلك التحقيق عن طريق النيابة العامّة لضمان سلامته ونزاهته، وإصدار نتائجه بشكل مستقل ومن غير رتوش ، ولم يكتف بذلك بل اتخذ حزمة إجراءات فورية شمل توقيف المسؤولين المباشرين في المستشفى ومحافظة البلقاء التي تقع فيها مدينة السلط إلى أن يقول القضاء "المحترم" كلمته ليتحمّل كل من تقع عليه المسؤوليّة، في حال ثبوتها، كامل تبعات المحاسبة التي ستطاله وفق أحكام القانون.
في تلك الاثناء اجتمع وزير الصحة نذير عبيدات بالمسؤولين في مستشفى السلط ، ليبحث عن أسباب حادثة انقطاع الأكسجين عن المرضى وتسببها بوقوع هذه الوفيات، ووقف أمام كميرات الصحفيين في مؤتمر صحفي عاجل ليقول - بشجاعة -  "أتحمل المسؤولية الأخلاقية عن الحادثة التي وقعت في مستشفى السلط"، ويعلن عن استقالته قبل أن يُقال بأمر من رئيس حكومته الذي ظهر هو الآخر في كلمة متلفزة مقتضبة - مكسور الجناح - مخاطبًا شعبه بعبارات من الاسي والأسف وشعور بالغضب والخجل  بسبب ذلك الخطاء والتقصير الذي  "لا يمكن تبريره" كما قال بعظمة لسانه .. لكن عضو مجلس النواب الأردني عن تلك المدينة المكلومة المهندس طلال محمد النسور  لم يكتف باستقالة وزير الصحة، بل طالب بإقالة رئيس الحكومة بكله . 
حقا في قضية مستشفى السلط الأردني تحضر المسؤولية والأمانة والأخلاق والشرف والادمية، فالإنسان هو أغلى ما تمتلكه الأوطان الحرة والشريفة وحياته وحمايته امر مقدس.. 
هنا  يقف الضمير حيا.. 
هنا تكشف المعادن. 
ولعلنا نتسأل - مجرد السؤال - لو حدث - لو سمح الله- حادث مماثل لمستشفى السلط فكيف ستتصرف حكومة المناصفة التي فقد المواطنون فيها الثقة والأمل بعد ان لاذت بصمت مخزي مذل عن أوجاعه ومعاناته وهمومه ومنها سكوتها عن سريان الجرعة القاتلة - الغير معلنة- في المشتقات النفطية التي هي بمثابة إعلان موت جماعي على عامة فئات الشعب الذي انتفض ولا زال في كل المحافظات المحرحرة عفوا المحررة الخاضعة لسلطة حكومة الدكتور معين عبدالملك رافضا الجرعة والزيادة المجنونة إذ أن تبعاتها الكارثية  تتصاعد وتنذر بمآلات خطيرة.. 
عظم الله أجر الأردن.. ولملكه وحكومته وشعبه سلاما..