عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب:
من يمتلك مفاتيح الحقيبة النووية الإسلامية؟
المسلمون لهم حقيبتهم النووية، لم تحرمهم القوى الكبرى من امتلاكها، وضعوا ثقلها بيد من يثقون به، ولا يفكر بالضغط على أزرارها مدى امتلاكه لها، ولن يساوم العالم بامتلاكه لها، ولم يجعل منها سلاحا يفرض شروطه في السياسة العالمية.
سمحت الولايات المتحدة، بنصب ترسانة نووية في شبه القارة الهندية التي تحتضن الهند وباكستان وبنغلاديش والنيبال وبوتان، وفق ميزان رأته متعادلا في حصر صراع إقليمي بعيدا عن قواعد الأمن العالمي.
أدبيات السياسة العالمية المعاصرة، لم تكن تأذن بامتلاك حقيبة نووية خارج خارطة القوى الكبرى وإسرائيل، لكن متغيرات الصراع ومؤثراته في القارة الهندية فرضت واقعا نوويا مسموحا به طالما توفرت إمكانية التحكم به.
سمحت القوى العالمية الغربية، بصناعة القنبلة النووية الهندية، لتقف قبالة الترسانة النووية الصينية، سعيا وراء ما يعرف بـ "توازن الرعب"، وبدأت برنامجها النووي في منتصف القرن العشرين، وأنشأت أول مفاعل لأغراض البحث العلمي، بمساعدة فرنسية بريطانية، قبل أن تنشئ مفاعلا نوويا باليورانيوم الطبيعي بمساعدة كندية، ونفذت خمس تجارب نووية عام 1998.
سلاح ردع هندي، التقى بقدرات إرادة سياسية وطنية، وتأييد غربي وروسي أيضا، أنجز رغم ضعف القدرات الاقتصادية، بعد استثمار الثروات البشرية، وبناء البنية الأساسية في إنجاز صناعة نووية متكاملة.
خط متواز سلكته جمهورية باكستان الإسلامية، مع الخط الهندي في سياسة نووية تطورت عبر مراحل التاريخ، بدعم غربي لم يقف عند حاجز ما، معلنة مخاوفها من اختلال توازن قوى المواجهة مع الهند.
كانت إشكالية تراها القوة الغربية الكبرى في امتلاك باكستان قنبلة نووية، توصف بـ "القنبلة النووية الإسلامية" تخل بشكل وبآخر بقواعد الأمن العالمي، لكن مبررات إسلام أباد في الدخول إلى النادي النووي، والثقة بالتزامها في نهج لا يتعارض مع السياسة الدولية ونهج توازناتها، حقق لها أهدافها المرسومة.
تجاوزت الولايات المتحدة عقدة الخوف من "القنبلة النووية الإسلامية" واتجهت عمليا نحو تزويد باكستان بمفاعل أبحاث نووي صغير من نوع الماء الخفيف، بدا تشغيله عام 1965، قبل أن يتعاظم الخوف من تعاظم القوة النووية الهندية، التي تهدد أمن إسلام أباد في ل الصراع التقليدي الثنائي حول إقليم كشمير.
لم تجد كندا موانع دولية في تزويد باكستان بمفاعل من نوع الماء الثقيل، تعززها منشأة لإنتاج الماء الثقيل، ووصلوا بعدها إلى استخراج اليورانيوم بتعاون فرنسي، تعرض فيما بعد لضغط أميركي مفاجئ، أدى إلى انسحاب باريس وبداية حضر القوى الغربية على الصناعة النووية الباكستانية.
عقبات تخطتها باكستان الإسلامية، بإرادة سياسية، وقناعة دول غربية في امتلاك السلاح النووي بخصوصية سلاح ردعي يحقق لها التوازن المطلوب في شبه القارة الهندية.
قنبلة إسلامية نووية، في مخازن السلاح الإستراتيجي التدميري، هي الوحيدة من نوعها في مجتمع إسلامي، محاطة بقيد القوى الكبرى وخاضعة لتوازناتها التقليدية، جسدت رغم هذا وذاك قدرة باكستان في فك "العقدة الإسلامية" التي يخشاها الغرب والكيان الإسرائيلي.