عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب:
قمة في عاصمة أزمات الشرق الأوسط
عنوان رئيسي مشترك لـ "قمة بغداد للتعاون والشراكة" هو استعادة سيادة العراق بعيدا عن التدخلات الإقليمية، وتثبيت قواعد الأمن فيه لما لها من أثر كبير على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
بغداد اختصرت أزمات الشرق الأوسط، وكانت منطلقا لها منذ البدء، فبانهيار سيادتها وفتح أبوابها لتدخلات خارجية، انهارت قواعد الأمن في منطقة المشرق العربي، وما يراه المشاركون في قمة بغداد بابا مفتوحا لعودة العراق إلى محيطه العربي والإقليمي والدولي، باعتباره قاعدة إنطلاق لاستعادة الأمن الإقليمي والعربي، بعدما كان قاعدة إنطلاق لأزماته الأمنية والسياسية.
إجماع المشاركين في قمة بغداد على "استعادة سيادة العراق" لم تكن مصادفة في إطار خطاب دبلوماسي، يدلي به قادة الدول المشاركة وممثليها، هي رسالة واضحة بكل تفاصيلها لدول جوار إقليمي ترى في العراق أرضا منبسطة في بناء مخططاتها الإستراتيجية التوسعية على حساب سيادة وأمن واستقرار العراق.
كانت الدعوات صريحة واضحة، لقادة دول ورؤساء منظمات إقليمية وعالمية، إلى دول بعينها (إيران وتركيا) إلى احترام سيادة العراق قولا وفعلا، فالمس بسيادته لن يكسبها شيئا في مشهد سياسي أمني مضطرب، يزيده التدخل الخارجي اضطرابا، فطموحات بعض القوى الإقليمية، والنظر إلى مصالحها لن يكون على حساب سيادة دولة الجوار، والعبث بأمن وإستقرار شعبها، وعلى الجميع أن يدرك قيمة مركزية الدولة الوطنية في العلاقات الإقليمية، وضمان الحد المطلوب من الأمن والاستقرار المنعكس بآثاره على الأمن العالمي بصيغ أشمل.
أساس المشكل في تشخيص بعض المشاركين في "قمة بغداد للتعاون والشراكة"، هو النزعة الطائفية في توجيه عمل المنظومة السياسية الحاكمة، وهي نزعة تغذيها تدخلات إقليمية تنفذ مخططات غير مشروعة، أثارت صراعات وحروب أهلية، لم تنته منذ الغزوة الأميركية للعراق.
هذا المشكل دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى إلغاء "الطائفية" بشكل جذري من قاموس عمل المنظومة السياسية، والقوى الإقليمية المؤثرة في المشهد الراهن، والعراق يتجه عبر "قمة بغداد للتعاون والشراكة" إلى تطبيق إستراتيجية شراكة أمنية وسياسية واقتصادية إقليميا ودوليا، يعيد من خلالها دوره الفاعل في الساحة العالمية.
وأطلقت إشارات غير مباشرة، في إطار نبذ الإرهاب ومحاربته، إلى إرهاب ميليشيات ووكلاء تتبناهم دولة الجوار إيران في العراق تحت أغطية ومسميات لأهداف غير منطقية، وتوجهات مذهبية فرضت وجودها غير المشروع في المنظومة السياسية.
توجه عراقي جديد، رغم الضغوط والتحديات نحو الانفتاح على محيطه العربي واستعادة دوره الإقليمي والعالمي، وإحياء القواسم المشتركة مع الدول العربية على مبدا الشراكة والتعاون، ينتشله من مساوئ تدخلات إقليمية غير مشروعة أوجدت لها أذرعا ووكلاء تسعى جاهدة لمصادرة سيادة العراق، ومسخ هويته.
"قمة بغداد للتعاون والشراكة" المرتبة بتنسيق أوروبي – فرنسي – عربي مع الحكومة العراقية بقيادة مصطفى الكاظمي، تعد انتقاله في المشهد العراقي، المستند على دعم عربي – عالمي، يدرك أن استعادة أمن الشرق الأوسط المفقود، يبدأ من بغداد حين تغلق أبوابه بوجه مشاريع التوسع العبثي.