فاروق يوسف يكتب:
الحل الإسرائيلي في مواجهة الصداع الإيراني
خرجت مسألة النووي الإيراني من نطاق الأزمة لتشكل خطرا على العالم.
في الوقت الذي تُعقد فيه محادثات مكثفة في فيينا بين إيران والدول الموقّعة على الاتفاق النووي الذي يعود إلى عام 2015 وهي في حقيقتها محادثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة تُضرب مواقع نووية إيرانية حساسة في نطنز. فما معنى ذلك وإلى ماذا يشير؟
لا يتعلق الأمر بمحاولة الضغط على إيران من أجل ثنيها عن المضي قدما في برنامجها النووي والخضوع للشروط التي وضعتها الولايات المتحدة من أجل أن يستعيد الاتفاق النووي مساره الصحيح.
ذلك يمكن تحقيقه عن طريق تشديد العقوبات ومراقبة تنفيذها وبالأخص في ما يتعلق بما تستورده إيران من معدات ومواد تحوم حولها الشبهات.
واقعيا فإن ما جرى يشير إلى أن هناك مسعى حقيقيا لحذف البرنامج النووي الإيراني من الأجندة السياسية العالمية ومعالجة الصداع الذي يسببه بشكل نهائي.
لقد أهدر المجتمع الدولي الكثير من وقته وهو يدور في الفراغ. كانت هناك فرص كثيرة لم تستفد منها إيران لتكون واضحة وشفافة أمام العالم الذي لم يكن يميل إلى الشك المطلق في حقيقة نواياها المبيّتة، لا بسبب حالة الغباء السياسي التي هي واحدة من أهم صفات نظامها المشدود إلى عماه العقائدي بل لأنها لا تستطيع أن تتخلى عن أطماعها في امتلاك سلاح نووي.
لم تكن تلك حقيقة خافية على أحد.
أما لماذا مررت إدارة الرئيس أوباما ذلك الاتفاق عام 2015 وضغطت من أجل توقيعه فتلك نقطة لم تتم مناقشتها بوضوح وشفافية وهي من وجهة نظري تستحق أن تتم معالجتها من خلال مؤتمرات سياسية محايدة من أجل التعرف على ثغرات النظام الديمقراطي الأميركي التي تسمح بارتكاب أخطاء تكون سببا في معاناة قد تؤدي إلى كوارث تدفع ثمنها شعوب بريئة. وهو ما حدث فعلا بعد أن أطلقت الولايات المتحدة يد إيران في المنطقة العربية بعد توقيع الاتفاق واستعادة إيران الكثير من أموالها المحتجزة.
كان سوء الفهم الذي وقعت فيه إيران كبيرا حين اعتقدت أن السياسة الأوبامية (نسبة الى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما) يمكن أن تُستعاد إذا ما نجح رئيس ديمقراطي في إزاحة الجمهوري دونالد ترامب من البيت الأبيض. كانت الشائعات يومها قد حلّت محل الحقائق. لذلك فإنها أقبلت على محادثات فيينا وكلها ثقة من أن الولايات المتحدة ستبادر تعبيرا عن حسن النية إلى تعليق العقوبات أو الجزء الأكبر منها في وقت قياسي. أما أن تقوم جهة مجهولة بتوجيه ضربة غامضة إلى المواقع التي تراهن عليها إيران في صراعها النووي فذلك ما لم يكن تتوقعه.
مشكلة النظام الإيراني التي يمكن رؤيتها مجسدة في لغة وزير خارجيته محمد جواد ظريف إنما تكمن في ثقته بأكاذيبه ومناوراته ولعبه بالحقائق وتزويرها وهو ما لا يمكن أن يكون قاعدة ثابتة للتعامل مع المجتمع الدولي.
لقد أخذت إيران أكثر مما تستحق في عهد أوباما ولم يكن لديها ما تعطيه بل فعلت العكس حين تمادت في أوهامها وأطماعها وعدوانيتها إلى أن صارت أوروبا وليست الولايات المتحدة وحدها على يقين من أنها قد وضعت كل شيء جانبا ولم يعد لديها ما تفعله سوى الحصول على السلاح النووي.
ولكن لمَ لا؟ هناك دول كثيرة تقع خارج منظومة الدول الكبرى تمتلك ذلك السلاح فلمَ تُحرم إيران من الدخول إلى النادي النووي ولو بطريقة مخاتلة؟
بالنسبة إلى الدول الكبرى فإن إيران ليست كوريا الشمالية أو إسرائيل أو الهند أو حتى باكستان المسلمة. إيران دولة يقودها نظام ديني طائفي بل ومتشدد في طائفيته التي تقوم على أساس فرض التشيع على الدول المحيطة بها ومن دون ذلك فإن الحرب الدائمة هي البديل. وليس التشيع الذي تسعى إيران إلى نشره مذهبا دينيا خالصا بقدر ما هو تبعية لا نقاش فيها للأمة الفارسية. ذلك ما يعني أن حروبا كثيرة في انتظار إيران.
يكفي ذلك سببا لعزل إيران عن سواها وتصنيفها باعتبارها الدولة الأخطر في العالم. لا لشيء إلا لأن مشروعها في نشر ثورتها بالقوة يقع في منطقة تشكل خزانا لنفط العالم. الطاقة كلها هناك وليس لدى إيران سوى فكرة عن حريق دائم. إيران دولة حرب. فما من غايات سلمية إذن للمشروع النووي الإيراني. وما من هامش للسلام في العلاقة بإيران بالنسبة إلى الدول المنتجة للطاقة.
سيكون الحل لتلك المشكلة إذن أن تفقد إيران قدرتها على الرهان على برنامجها النووي في مواجهة العالم.
لا علاج لتلك المشكلة سوى اجبار إيران على التخلي نهائيا عن مشروعها النووي. ولن يتم الوصول إلى ذلك الهدف إلا من خلال تفجير المنشآت النووية الإيرانية والتخلص منها. يومها سيكون العالم في غنى عن المفاوضات. فالمفاوضات مع إيران إنما هي نوع من الجري في متاهة ليس لها مخرج. سيكون على المجتمع الدولي أن يعترف أن الحل الإسرائيلي يمكنه أن ينهي الخطر الإيراني ويعالج صداع النووي.