مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

لا أحد يولد عبقريا أو شريرا

بعد قرن ونصف من اكتشاف اللاوعي ، تتضح لنا أسباب وعواقب حياتنا أكثر فأكثر ، لماذا مثلاً يحب البعض الحياة ويستمتعون بها ، بينما هناك من هم عكس ذلك تماما ، مع أن لا احد يولد مريضاً نفسياً أو مصاب بسحر أو سادي أو قاتل أو مغتصب ، لا احد يولد مع حالات الاكتئاب واللامبالاة و الرهاب ونوبات الهلع وحالات القلق ، لا احد يولد محكومًا عليه مدى الزمان بحياة بائسة أو مملة واخر في النعيم ، ولا احد يولد موسومًا من الله ليكون سعيدًا واخر تعيساً ليوجه أنظاره إلى السماء اما بامتنان أو لعنة.

في البداية نحن نحصل على أولياء الأمور ثم المدرسة والبيئة المحيطة ، بعض المحظوظين يحصلون على الكتب والاصدقاء الجيدين ثم نصبح ما نحن عليه ، فنحن الى يومنا هذا لم نفك الشفرة الكاملة لماذا فجأةً تحل بعض المشاعر محل الأخرى ، لماذا يريد العقل شيئًا ويتجمد في الأمل والترقب بينما الامور واضحه امامه ، لماذا لا نتجه الى معرفة ذاتنا العميقة ونتحرر من الأسر القديم الذي يلفنا منذ زمن بعيد من مواقف ومعتقدات خاطئة وذكريات مؤلمة غرقت في هاوية ذكريات الطفولة ورغبة يائسة في العيش بفرح وسرور .

الحياة حلوة ، لكن هناك من يعاني من عداء مزمن للحياة وللآخرين ويلوم الظروف الخارجية وسوء الحظ والقدر والأشخاص السيئون على كل شيء ، وينسى ان لا أحد يولد مجرماً أو إماماً ، لا احد يولد عبقريا أو فاشلاً ، لا احد يولد شريرا او طيبا لا احد يولد شجاعا او جبانا لا احد يولد محظوظا او تعيسا ، بل توجد مثابرة وعزيمة ويوجد وعي ولا وعي ، يوجد شخص ومن حوله أناساً لا يختارهم في البداية مثل والديه ، وهناك أشخاص نختارهم بعد أن نكبر قليلاً ، لنلتقط بعدها أنفاسنا في تقلبات الحياة ونحبس أنفاسنا قبل اليوم التالي ، لأننا احياناً كثيرة لا نفهم ما يدور في اعماقنا ، نغلق أعيننا بنصف ابتسامة مريرة ثم نتهم الحياة ، مع انها بريئة منا ، فأحيانًا تكفي لحظة لنسيان الحياة ، وأحيانًا لا توجد حياة كافية لنسيان لحظة.