علي ناصر محمد يكتب لـ(اليوم الثامن):

القيادات التاريخية وبيع الوهم للشعب في الجنوب

اطلعنا على مقال الأستاذ علي منصور مقراط بعنوان "عودة علي ناصر.. وقادة الجنوب" والذي علق فيه على ما تناولته وتناقلته بعض وسائل التواصل الاجتماعي عن عودتي الى عدن، وقد رحب بالعودة الى أرض الوطن ودعا الى عودة قيادات الجنوب جميعهم..
أولاً: لا صحة لخبر عودتي إلى عدن جملةً وتفصيلاً، وبالطريقة التي صيغ به العنوان والخبر لا يخفى على القراء ما وراءه، أياً كانت الجهة التي تقف وراء نشره!
ثانياً: أما فيما يخص دعوة الصحفي علي منصور مقراط فأمر مختلف، وإدراك بأن هذه الدعوة يقصد منها تعزيز اللحمة الوطنية وبناء الوطن بنفسٍ يتمرد على المناطقية ورغبة التسلط والاستحواذ الشائعة الآن في بلادنا، ومع يقيني بأن من حق الجميع العودة والإسهام في استعادة عافية الوطن، ولكن أيضاً على يقين من أن قرار العودة إلى عدن وإلى السلطة ليس بيد القيادات الجنوبية اليوم، والقرار لم يعد قرارهم وخارج عن إمكاناتهم وقدراتهم بل صار مختطفاً بيد القوى الاقليمية والدولية.
فإذا كانت عودة الرئيس هادي قد رُفضت وكذلك عودة حكومته للاستقرار والاستمرار في عدن، فكيف لهذه القيادات أن تبتّ في مثل هذا الأمر وكيف لها أن تحسم أمرها وتحكم الجنوب دون قرار من الكبار. وأتذكر في عام 2014م حين عادت بعض القيادات الى عدن في شهر أكتوبر وأعلنوا أنهم سيعودون ليعلنوا الاستقلال وحكم الجنوب وسيرفعون أعلام الجنوب على الدوائر الحكومية وعلى جبل شمسان وسيستولون على الدخل من النفط والموارد الاخرى وسيودعونه في حساب خاص حتى تشكيل الحكومة.. ونُظم مهرجان كبير في ساحة العروض بخورمكسر وأُلقيت كلمات حماسية للجماهير التي احتشدت في الساحة وكانت الجماهير منتظرة إعلان قيام الدولة في عدن، ولكنهم لم يتجرؤوا على تنفيذ تهديداتهم ولم يتحدثوا عن عودة دولة الجنوب، وأجلوا الإعلان حتى ثلاثين نوفمبر الذي يصادف عيد الاستقلال ولكن مرة أخرى لم يحدث شيء لا في أكتوبر ولا في نوفمبر.. ورُفعت الخيام من ساحة العروض التي استمرت لأكثر من أربعة أشهر وعاد الناس الى أعمالهم والى بيوتهم في عدن والمحافظات. في حين عاد بعض القادة الى مرابعهم من حيث جاؤوا، وأُصيبت الجماهير بخيبة أمل من هذه الوعود التي أُطلقت دون إذن من أصحاب القرار.
وعندما سألني البعض لماذا لا تنضم الى هذه القيادات وتُعلن معهم استعادة الدولة في الجنوب؟ قلتُ لهم: إنها كوميديا مضحكة وكفاهم من بيع الوهم للشعب. 
ثالثاً: قبل التفكير في العودة الى عدن والوطن، وهو أمر مشروع لكل مواطن، علينا أولاً أن نستعيد القرار الوطني المُختطف، وقبل أن نطالب اليوم بالعودة الى السلطة فنحن نطالب القيادات أن ترفع صوتها عالياً من أجل وقف الحرب وإحلال السلام في الوطن الجريح، ليعود بعدها الملايين من المواطنين إلى أرض الوطن ويشتركوا في عملية إعادة بناء الدولة ومؤسساتها ونحن منهم.
وقد أكدتُ أكثر من مرة أننا مع وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن، ولكننا لسنا مع العودة الى السلطة لأنه وفي ظل اختطاف القرار اليمني فإن من سيأتي بك إلى السلطة سيأخذها منك متى ما رأى أنك لا تنفذ أجندته وطموحاته، وإن قاومت سيأخذ روحك، كما حدث مع كثير من القيادات اليمنية وحكام المنطقة العربية. إن الوصول الى السلطة عبر هذه القوى الاقليمية والدولية سيظل أسيراً لهذه الدول ومقيداً بتلبية مصالحها وسياساتها وليس مصلحة اليمن وشعبه، والشيء الطبيعي هو أن يتم تولي السلطة برضىً شعبي عام ولا يفرض من الخارج.
وفي ختام هذا الكلام، أوجه شكري وتقديري للصحفي القدير علي منصور مقراط على مقاله وكلامه الصادق عن تجربتنا المتواضعة في السلطة، ونحن نعتز بهذه الكلام كما نعتز بتجربتنا في بناء الدولة.