د. ابراهيم ابراش يكتب:
من حق الشعب الفلسطيني أيضاً الدفاع عن نفسه
على إثر تصاعد التوتر في فلسطين وخصوصاً على جبهتي القدس وغزة وبعد فشل مجلس الأمن في إصدار مجرد بيان حول ما يجري بسبب رفض واشنطن أن يتضمن البيان أية إدانة لإسرائيل، صدرت بيانات وتصريحات منفردة عن الأميركيين والأوروبيين، وإن كانت عبرت عن قلقها لتصاعد العنف والتوتر وتأكيدها على حل الدولتين وضرورة الحفاظ على الهدوء وعلى الوضع القائم في القدس، إلا أنها جميعاً أكدت على حق إسرائيل الدفاع عن نفسها والتنديد بأعمال المقاومة الفلسطينية ووصفها بالإرهاب، وهو موقف تواترت اميركا ودول أوروبية على التأكيد عليه مع كل مواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
هذا الموقف يعكس تحيزاً فجاً وازدواجية في المعايير، ذلك أن حق الدفاع عن النفس مكفول لكل شعوب ودول العالم كما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، وإن كان من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها فمن حق الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم أيضاً، وعندما يكون الشعب خاضعاً للاحتلال فإن مقاومة الاحتلال بكل أشكال المقاومة الممكنة تندرج في سياق الدفاع عن النفس، أما إسرائيل وقطعان مستوطنيها فهم مُحتَلونِ لفلسطين ويمارسون العدوان والإرهاب.
الاحتلال يتعارض مع القانون الدولي والشرعية الدولية بينما مقاومة الاحتلال حق يكفله القانون الدولي والشرعية الدولية، الاستيطان ومصادرة الأراضي يتعارضان مع القانون الدولي والشرعية الدولية بما فيها اتفاقات جنيف بينما مقاومة الاستيطان والمستوطنين والدفاع عن الأرض يندرج في سياق ممارسة حق الدفاع عن النفس وشكل من المقاومة مكفول بالقانون الدولي، طرد سكان البلاد الأصليين وتدمير منازلهم كما يجري في القدس يتعارض مع القانون الدولي والشرعية الدولية، بينما مقاومة ذلك والتمسك بأرض الآباء والأجداد سلوك بشري طبيعي يتوافق مع مبادئ الشرعية الدولية، الفصل والتمييز العنصري والتطهير العرقي الذي تمارسه دولة الكيان في القدس وداخل أراضي الخط الأخضر سلوك إرهابي وعنصري مُدان دولياً بينما مقاومة الفلسطينيين لذلك حق طبيعي وقانوني يتوافق مع الشرعية الدولية.
عندما يتوحد الشعب الفلسطيني ويخرج في كل أماكن تواجده داخل فلسطين من البحر إلى النهر في مواجهة دولة الكيان الصهيوني فهذا معناه أن الشعب الفلسطيني لم يعد يُطيق صبراً ولم يعد امامه إلا أن يأخذ المبادرة ويمارس حقه بمقاومة شعبية لكل أشكال الظلم والعدوان والعنصرية التي تمارسها دولة الاحتلال، وخصوصاً أنه أعطى أكثر من فرصة للإسرائيليين والأميركيين ولكل العالم لإنجاز سلام عادل يقوم على أساس تطبيق قرارات الشرعية الدولية وعلى الاتفاقات الموقعة.
إن كانت واشنطن والدول الأوروبية معنية بالسلام والاستقرار في المنطقة، وإن كانوا متخوفين على وجود إسرائيل وأمنها بعد ثورة فلسطينيي الداخل غير المتوقعة وبعد وصول صواريخ المقاومة لمدن ومواقع استراتيجية رئيسة في إسرائيل، فعليهم أن يتفهموا أسباب غضب الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده وان يتقدموا بمبادرة سلام جادة تنهي احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وتؤدي لقيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.