د. ابراهيم ابراش يكتب:
إيران وإسرائيل.. مواجهة أم توازن ردع؟
طوال سنوات وإسرائيل تحذر من الخطر الذي تشكله إيران على وجودها القومي وعلى أمن واستقرار المنطقة في حالة امتلاكها للسلاح النووي، وكانت تزعم بأن إيران ستصنع القنبلة النووية خلال أشهر وكان نتنياهو يهدد دوما بضرب محطات تخصيب اليورانيوم ويبحث عن ذرائع لذلك.
وخلال التصعيد الأخير بين الطرفين خلال حرب غزة قصفت إيران بصواريخ بالستية مواقع استراتيجية داخل اسرائيل مرتين وكانت آخرها قبل حوالي 10 ايام كما يهدد قادتها بمزيد من القصف الصاروخي الذي سيزيل إسرائيل من الوجود. ومع ذلك تتردد هذه الأخيرة بضرب محطات تخصيب اليورانيوم وتجري مفاوضات مكثفة مع واشنطن حول طبيعة وحجم الرد مع تحذير أميركي لإسرائيل بتجنب ضرب المواقع النووية وحتى ضرب الموانئ والمنشآت النفطية خوفاً من ردة فعل إيرانية قوية ضد إسرائيل وبما يهدد أمن واستقرار المنطقة!
فهل حققت إيران بالفعل توازن الردع والرعب مع اسرائيل حتى قبل امتلاكها السلاح النووي؟ أم ستكشف الأيام ما سبق أن كتبنا عنه حول فزاعة النووي الإيراني وأن المصالح الاستراتيجية المشتركة بين إيران وواشنطن وإسرائيل أقوى من الخلافات الظاهرية؟ وما يبرر هذه التساؤلات ما يروج من أخبار حول مفاوضات تجريها واشنطن مع ايران ودول عربية حول صفقة لوقف الحرب على كافة الجبهات؟
كل ما سبق يطرح تساؤلات حول مفهوم وحدود النصر أو تحقيق الأهداف الاستراتيجية في الحرب أو التصعيد الساخن لدرجة حافة الهاوية بين الطرفين. إسرائيل الدولة المتفوقة عسكريا بقدراتها النووية والتقليدية وخصوصا في سلاح الطيران والقوية بشبكة تحالفاتها مع واشنطن والغرب من جهة، وإيران بقدراتها العسكرية التقليدية وحلفائها في محور المقاومة وروسيا من جهة أخرى.
بالتأكيد، إن إسرائيل دولة عدوان وإرهاب وباتت مكروهة من غالبية شعوب ودول العالم وتوجيه النيران لها من أية جهة كانت يجد استحسانا من كل متضرر من عدوانها وعربدتها في فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها، ولكنها تجد كل دعم وإسناد من واشنطن وحلف الأطلسي.
في المقابل إيران وبالرغم من المعقولية والشرعية النسبية التي يحوزها تدخلها في الصراع مع إسرائيل إلا أن تدخلها غير مقبول من غالبية دول العالم وخصوصا من الدول العربية ومن منظور القانون الدولي.
فهل الصراع بين الطرفين سيؤدي لحرب شاملة بين الطرفين تؤدي لانتصار مطلق لأحد الطرفين؟ أم سيبقى تصعيدا محسوبا ومحددا يؤدى في النهاية لصفقة وتفاهمات تخدم مصالح الدولتين على حساب بقية الأطراف بما فيها شعب فلسطين.
ما يبرر هذه التساؤلات أن إيران قد تسبب ضررا بالغا لإسرائيل وتحد من غطرستها ولكنها لا تستطيع هزيمتها أو انهاء وجودها أما إسرائيل فدولة نووية وستلجأ للسلاح النووي في حالة تعرض وجودها وأمنها القومي للخطر بالإضافة إلى أن واشنطن والغرب لن يسمحوا بانهيارها ولو أدى الأمر لتدخلهم المباشر كما حدث في حرب اكتوبر 1973 وفي حرب الخليج الثانية عندما قصف عراق صدام حسين إسرائيل بالصواريخ.
قد يقول قائل إن أوكرانيا تتحدى روسيا وتخوض معها حربا منذ سنوات، بل واحتلت أراضي في روسيا الدولة النووية؟
الفرق بين الحالتين أنه يقف وراء اوكرانيا كل حلف الأطلسي المدجج بالأسلحة النووية وفي حالة لجوء روسيا للنووي فستلجأ له واشنطن وحلف الأطلسي مما يؤدي لحرب عالمية ثالثة ونووية أما في حالة لجوء اسرائيل للسلاح النووي بحجة الدفاع عن النفس فلا توجد دولة أو حلف يرد بالنووي نيابة عن إيران حتى حليفتها روسيا!
ولأن إيران تعرف ذلك فمن المتوقع ألا يتصاعد التوتر إلى حرب شاملة.
ويبقى السؤال: لماذا تصعد إيران مع اسرائيل؟ هل من أجل فلسطين ونصرة للمقاومة فيها أم لأهداف أخرى لها علاقة بتثبيت حضورها وتقاسم المصالح في الشرق الأوسط الذي تتم إعادة ترتيبه على حساب العرب؟