عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب:
هذه مكاسب هنية - نتنياهو من حرب الرشقات
حرب الرشقات، سجلت نصرا عربيا في أدبيات شعبية، طالما دكت الرشقات الصاروخية تل أبيب وحيفا، دون اعتبار لآثار الدمار في غزة وزهق عشرات الأرواح، لكنها مكاسب سياسية كبرى ثقلت موازين بنيامين نتنياهو وإسماعيل هنية، فكلاهما يتحدثان بخطاب المنتصر المتأهب لجني مكاسبها في خارطة سياسية.
الحرب مازالت مفتوحة على كل الاحتمالات، ودوافع انفجارها تكتيك سياسي محسوب في تحقيق هدف آني، لا يعنيه حجم خسائر رصدت أموال تعويضها من قبل لإرضاء ضمير إنساني يهتز من هول الفاجعة.
انتهت الحرب وفق حسابات سياسية راهنة، ودخل الواهمون بنصر إعلامي في نشوة استرخاء يريح خواطر انكسرت بتوالي الهزائم المهينة، وبدأ قادتها باستحصال مكاسبها المادية والمعنوية.
بنيامين نتنياهو تنفس الصعداء، بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط المدوي من قمة عصره السياسي الممتد طيلة خمسة عشر عاما، فقد عاد بمستلزمات القوة التي تؤهله لقيادة مرحلة جديدة، بعد انسحاب خصمه اليمني نفتالي بينيت من تشكيل حكومي بديل كان فيه لعرب إسرائيل حضورا.
إعلان نقتالي بينيت ان تشكيل حكومة التغيير مع التركيبة المخطط لها بعنصر عربي لن تتكيف مع الوضع الجديد، هو الإعلان ألاستباقي لتجديد عهد بنيامين نتنياهو على رأس إسرائيل.
أقرت إسرائيل بعد حرب الرشقات أن بنامين نتنياهو باندفاعه الإرهابي ونزعته المتطرفة، هو الأصلح لقيادة المرحلة، بإرادة خصومه، ولا أحد غيره يمتلك مؤهلاته القيادية من اليمين أو اليسار، رغم قضايا الفساد التي تلاحقه في محاكم القضاء.
دمر نتنياهو غزة، وقتل أطفالها ونسائها، ونسف مدارسها ومستشفياتها وبيوتها وبناها التحتية دون ان يخسر شيئا، أو تخدش مشاعره ببيان دولي يدين هول جرائمه، فهو السياسي الفائز في أربع انتخابات متتالية، غض الناخب الإسرائيلي النظر عن خيانته للأمانة كسياسي فاسد، معتبرا إياه الرجل الأنسب في مواجهة "العدو العربي" وحماية كيانه.
كرس نتنياهو بسياسة ارتقت لأعلى درجات الخبث، حالة الانقسام الفلسطيني بين غزة "حماس" والضفة الغربية مقر السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا، بدءا من قرار التخلي الإسرائيلي عن احتلال غزة والسماح بتمرير المساعدات المالية القطرية والسلاح المهرب من جهات إقليمية.
انتصر نتنياهو بدعم أميركي لا محدود، منحه ما يسمى "حق الدفاع عن إسرائيل"، كما انتصر بإسكات الاتحاد الأوروبي عن تأييد الحق الفلسطيني في وجوده وإدانة جرائمه، بما يعزز موقعه السياسي في إسرائيل.
تلك هي مكاسب بنيامين نتنياهو المحصنة بدعم أميركي دولي، فما هي مكاسب إسماعيل هنية في ظل مجتمع دولي يجدد دعمه لإسرائيل؟
كان صوت إسماعيل هنية رئيس حركة حماس، أعلى من صوت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وكأنه يحتوى آليات إدارة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، متحدثا باسم شعب فلسطين بعيدا عن قيادته الشرعية، داعيا إلى علاقات عربية ودولية مع غزة، فـ "معركة سيف القدس سيكون لها ما بعدها" في إشارة إلى أن مفاتيح القضية الفلسطينية بيده.
مكسب سياسي جنى ثماره إسماعيل هنية في « خطاب النصر" هل سيتعزز بدعم دولي ـ عربي يخضع لقدرات "حماس" العسكرية في تهديد "أمن إسرائيل" تاركا السلطة الفلسطينية في مقر عزلتها بمدينة رام الله؟
أيا كانت الإجابة، من أي كان، فأن فلسطين في غزة أو الضفة الغربية لا مكسب لها في ظل انقسام وطني يغذيه بنيامين نتنياهو!