محمد واني يكتب:

محاولة للانفلات من المصيدة!

يبدو ان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني مصر على اخراج الإقليم من القمقم الضيق الذي وضعته فيه بغداد والسعي لتخفيف المعاناة عن شعب الإقليم جراء الحصار الجائر الذي فرضته عليه منذ عام 2014. ورغم الاتفاق الأخير الذي ابرم بين الطرفين بغداد وأربيل على تحديد حصة الإقليم من موازنة 2021 التي اقرها البرلمان العراقي، فان قوى شيعية متنفذة تضع عوائق امام تنفيذها وتصر على ابقاء الازمات المالية العالقة مع حكومة الإقليم دون حل لغايات سياسية واستراتيجية مكشوفة منها تشتيت أنتباه الكرد عن المادة الدستورية 140 التي تلزم حكومة بغداد وتجبرها على حل مشكلة الأراضي التي انتزعتها حكومات البعث البائدة من مواطنين كرد عن طريق عمليات التعريب والتهجير العنصرية، والتي تسمى بالمناطق المتنازع عليها ومن ضمنها مدينة كركوك النفطية المهمة، وقد نجحت بغداد ايما نجاح في ابعاد الكرد عن المادة الدستورية واشغالهم بأزمات "حياتية" ومشاكل معيشية يومية بقساوة لا نظير لها امام سمع واعين العالم دون اكتراث.

وكثيرا ما اشبّه الحصار المفروض على الشعب الكردي بالحصار الشامل الذي فرضه كفار قريش على النبي واصحابه وبني هاشم في شعب ابي طالب والذي دام 3 سنوات. ولكن حصار حكومات بغداد المتعاقبة على الكرد مستمر منذ 7 سنوات عجاف! ورغم صلابة الكرد ومقاومتهم الأسطورية للحصار وتحملهم الشدائد وصبرهم على البطون الخاوية بعزيمة الرسول محمد "ص" واهل بيته الكرام، فان أصحاب القلوب القاسية داخل الحكومة والبرلمان العراقي مازالوا يمنعون عن الإقليم المحتسب ارسال حصته من الموازنة وفق بنود الدستور ويرفضون اطلاق رواتب موظفيه. وقد ذهب رئيس الاقليم الى ابعد الحدود من اجل الوصول الى حل "دستوري" جذري مع حكومة مصطفى الكاظمي. ولكن أصحاب القلوب القاسية الذين يهيمنون على شؤون العراق وفق اجندة طائفية والذين يشكلون دولة داخل دولة كانوا بالمرصاد للاتفاقيات المبرمة مع الكاظمي ومن المستحيل إرضاءهم والتوصل معهم الى صيغة اتفاق.

رغم التنازلات الكبيرة التي يبديها رئيس الإقليم في كل زيارة يقوم بها الى بغداد ويوافق على شروطها واملاءاتها القسرية ويوقع على اتفاقية مع حكومتها الرسمية، ولكنه ما ان يعود ادراجه الى الإقليم حتى تعلن حكومة "الظل" رفضها للاتفاقية جملة وتفصيلا وتطالب بشروط أخرى وما ان يوافق على الشروط الجديدة حتى يطالبون بشروط تعجيزية أخرى وهكذا دواليك، اتفاقية تجر اتفاقية والوفود رايحة جاية و.. في النهاية يبقى الوضع على ما هو عليه؛ شعب محكوم عليه بالجوع والحصار والسياسة التوسعية الجائرة.

وكان لزاما عليه كرئيس لشعب يعاني أن يبحث عن منافذ أخرى للانفلات من مصيدة بغداد، فشد رحاله الى فرنسا وتركيا والامارات وطرق باب الأردن وفتح كل القنوات الدبلوماسية والاقتصادية لكشف الغمة عن امة كل ذنبها انها تريد ان تعيش بسلام وأمان في وطنها وتطالب بحقوقها وفق دستور البلاد لا اكثر ولا اقل.