عادل حمران يكتب:
آيجي جنوب ؟
في زفاف الزميل فواز الحنشي وبعد بعد سفر طويل وشاق وصلنا يافع مديرية رصد منطقة الحنشي، وهناك استقبلونا بحرارة وكرم يافع المعهود، جلسنا وبدأنا في تناول اوراق القات وكان المجلس شبه ممتلئ دخل شيخ كهل نحيف القامة وابيض الشعر يرتدي معوز رمادي و شميز كبدي وعلى راسه شال أحمر مربوط بالطريقة اليافعية.
بينما نحن صامتون من التعب و الارهاق وكيافة القات قال لنا اهلا و سهلا بكم … آتصلون؟
استغربنا من سؤاله فالصلاة لا تحتاج سؤال لاننا نؤديها دون سؤال ولا طلب، صمتنا جميعا قبل أن يرد عليه الاستاذ ردفان الدبيس بابتسامته واسلوبه الجميل يا حاج من تعب الطريق نحتاج اي حد منكم يصلي علينا اربع ساعات حتى نرتاح.
صلينا المغرب و العشاء جمعا و قصرا ورجعنا الى المجلس لاكمال بقية تفاصيل الليلة الفرائحية للزميل فواز ، دخلنا مجددا المجلس وكان الحاج يقف امامي ويريد ان يصنع اي حديث معنا، ربما تعثر في افتتاحية البداية لكنه نضر نحوي وقال: آيجي جنوب؟ استغربت مجددا من سؤاله فمن نحن لكي يوجه لنا هكذا استفسار ؟ قلت له لا ياحاج مافيش جنوب عاد الوضع مطول و الاعداء كثر، والامور معقدة جدا …!
تغيرت ملامحه كثيرا واحمر وجهه و شعرت بحالة استياء كبير يسكن جوفه، ساد المكان حاله من الصمت ثم تداركت الموقف وقلت له يا حاج رغم المعوقات و الصعوبات لكن لن نستسلم الجنوب سيعود ولو بعد حين، فقط يحتاج تكاتف عاد للحديث مجددا ايوه اقسم بالله ان الجنوب قادم واننا آنقاتل عليه حتى آخر يوم بحياتنا.
حسيت بفخر صموده و قلت له يا حاج انت قدك كبير ولو رجع الجنوب لن تجد الا قطعة كار أبيض والوطن يحتاج سنين قادمة حتى يعود.. قال بحماس عادي انا ما ادور الجنوب لنفسي انا ادوره للاجيال القادمة الوطن لكم يا شباب نحن تعبنا وناضلنا وانا من ايام بريطانيا و ما بعدها و قاتلت في 1994م اليوم نترك الجنوب لهم، قدرت قلقه وقلت له انت مناضل صلب و عظيم و بك و امثالك سيعود الوطن.
تفاعل مع كلامي واخرج علاقي يضع بداخله قاته اليافعي رفع الكيس وقسمه واعطاني نصفه استحيت منه لكنه اقسم عليا اخذهم، اخذتهم وانا محرج و مستحي عاد اعارضه و اقوله مافيش جنوب وعاد قاته بيدي، وثم عرفته على نفسي فرحب بي وقال نحن اهل وكذا وقلت له وهذا زميلي من تعز اسمه الشيخ عبدالله الصوفي تغيرت ملامحه مجددا قال كيف تشتوا جنوب ومعكم اصحاب تعز .. ضحكت وضحك ابا مجد معي و جلسنا معه في حوار عميق وذات شجون.
وكان يمزح معنا بكل شيء الا الجنوب كان شيخ عصامي وصمد معنا ليلة كاملة، تناولنا خلالها القات حتى الفجر و حتى حين طلعنا سقف البيت لاكمال بقية الليلة طلع معنا وضل بنفس القيم و المبادئ و الاحلام لم يتزحزح و هذا سر صمود يافع و حفاظها عن امنها و سلامها وعن العادات و التقاليد والتراث الذي جرفوه بعد الوحدة من كل الوطن الا يافع ضلت محافظة عنه لانهم لا يساومون عن حب الوطن ولا يرضخون لمغريات الاعداء.
نمنا ساعات الفجر الاولى وقمنا مع بزوغ الشمس تصبحت على وجه ذلك الكهل الاصيل قلت له صبحك الله بالتحرير و الاستقلال قفز كـ الاسد نحوي يسلم عني بحرارة ويكملي بقية احاديثه عن الجنوب و بعد ان تناولنا وجبة الافطار خرجنا نحو شعاب القرية و كلمت الجميع عليه و اصبح حديث الناس وجلس يحدثنا بوهج ثوري عميق وكله امل وقوة و ثبات بان الوطن قادم و الجنوب منتصر، وكله طاقات ايجابيه لانه لا يملك حساب فيس بوك ولا يتابع ذباب العدو مؤمن بقضيته و افكاره و بات وهج ثوري عظيم وبعد ان فرقناه و غادرنا يافع اترك سؤاله الذي مازال يسكن قلبي حتى الآن اوجهه لكم جميعا لتجيبوا عليه … آيجي جنوب ؟؟؟
#عادل_حمران